info@assayad.com     +971 2 443 7475     +971 777 55 33
العدد 3907
 - 
الجمعة ٢٦ - أبريل - ٢٠٢٤ 
ABU DHABI
ABU DHABI
الجمعة ٢٦ - أبريل - ٢٠٢٤  /  العدد 3907
الأرشيف
تابعونا على فيس بوك
تابعونا على تويتر
وجهات نظر
بقلم علي محمد الشرفاء الحمادي
كتب مسمومة غيبت العقول ونشرت الكراهية
أمرنا الله بأن نتسابق في التعلم لتوظفيه للوصول إلى نتائج إيجابية لمنفعة الإنسان
لقد أشار القرآن الكريم في آياته البينات إلى عدة أمور، منها القضايا العلمية وما يعكف عليه العلماء في الأبحاث والاكتشافات العلمية التي تتعلق بالكون والمجرات والفلك وخلافه.

والقضية الثانية التي يدعو لها القرآن، أن يكرسوا دراسة ما تحتويه الأرض من مياه وتربة تصلح للزراعة، وما تحتضنه أعماقها من كنوز مختلفة من الذهب والفضة والنحاس وغيرها من المعادن، التي يسخرها الإنسان للاستفادة منها والتجارة بها.


رعاية الله لخلقه
ومن مظاهر رعاية الله لخلقه أن يُبين لهم طرق الاستفادة من الفلَك ومواسم الزراعة ومعرفة الرياح؛ مما يساعد الزرّاع في أعمالهم، لتحقيق الاكتفاء الذاتي للإنسان.

ولذلك أمرنا الله بأن نتسابق في التعلم لتوظفيه للوصول إلى نتائج إيجابية لمنفعة الإنسان، وتلك الأمور جعلها الله مجالًا مفتوحًا دون قيود؛ للوصول إلى أفضل النتائج.

الأبحاث والاكتشافات العلمية تخدم البشرية
فلا يجوز تكفير العلماء الذين يجاهدون بعلمهم وفكرهم في كل ما يخدم البشرية، ولا يجوز الرجوع إلى الأمم السابقة فيما يخص القضايا العلمية المعاصرة، فالله سبحانه وضع للناس قاعدة إلهية ومنطقية في قوله سبحانه: «تِلْكَ أُمَّة قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (البقرة: 134).

تمشيًا مع هذه القاعدة، فلكل عصره قدراته الفكرية وظروفه المادية والمعنوية، وعلى أهل كل عصر أن يبحثوا ويدرسوا ويكتشفوا من النظريات التي تساعدهم في تحقيق التطور العلمي والمجتمعي، لكي يُسخرونها في خدمة مجتمعاتهم.

أما الإشكالية الرئيسية عند المسلمين فهي ما تم اختطافه من القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة في المعاملات بين الناس، وقد وصف الله رسوله الكريم بقوله: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» (القلم: 4).

وتكليف له بقوله: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ» (الأنبياء: 107).

إضافة إلى ما جاءت به الآيات من كثير من المبادئ التي تبين سلوكيات الإنسان في العلاقات الإنسانية والتعامل مع كل البشر بالرحمة والعدل، وحق الحياة وحرية الاعتقاد والمساواة بين الناس وتحريم الاعتداء واغتصاب الحقوق وقتل النفس إلا بالحق.

تذكير بالعظات الإلهية التي وردت في الذكر الحكيم
ولا يسعني في هذا المجال إلا أن أذكر كل العظات والتعليمات الإلهية التي وردت في القرآن الكريم، بقواعد العلاقات الإنسانية ، ومن هنا وجدت كيف تحايل أهل التراث على تلك القيم والمبادئ الأخلاقية السامية؛ باختزالهم أركان الإسلام في خمسة عناصر رئيسية، واستحدثوا كثير من الروايات التي أطلقوا عليها أحاديث، منسوبة للرسول كذبًا وبهتانًا وافتراء؛ لتحدث الفرقة بين المسلمين ويتقاتلون فيما بينهم وينصبون أنفسهم قضاة ينيبون عن الله في أحكامه وقضائه على عباده.

شوهوا صورة رسالة الإسلام الطاهرة التي تستهدف منفعة الإنسان، وبناء مجتمعات تعيش في مودة وسلام وتعاون تؤكده الآية التالية في قوله سبحانه: «..وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ ..» (المائدة: 2).

إن هذه الآية تنطبق على حال الأمة العربية، فكما كانت في الماضي منذ معركة الجمل وحرب صفين وحروب العباسيين والأمويين، يستنسخ العرب نفس الحالة المقيتة التي تتعارض مع كتاب الله وآياته، فيما بلغهم رسول الله به من ضوابط وقواعد تحكم العلاقات الإنسانية بين الأفراد، في الأسرة أو في المجتمع.

ولكن بسبب نجاح الرواة الذين حرّفوا تلك القيم ونسوا أن الله سبحانه كشفهم وأسقط أحاديثهم، في قوله مخاطبًا رسوله عليه الصلاة والسلام: «تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ» (الجاثية: 6). وذلك استفسار استنكاري بما يُطلق عليه الأحاديث.

و قوله سبحانه: «كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ» (الأعراف: 2).

وقوله سبحانه: «اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ» (الأعراف: 3).

في هذه الآية تعليمات التكليف للرسول بأن يبلّغ الناس بآياته، وعلى الناس أن لا يتّبعوا أولياء من دون الله، بل يتبعوا ما أنزله الله على رسوله في قرآن كريم.

ثم يؤكد خطاب التكليف للرسول بقوله سبحانه: «فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)» (الزخرف).

هجر المسلمين للقرآن
الكتاب الوحيد الذي سوف يُسأل الناس عنه يوم القيامة، هل اتبعتم كتاب الله أم اتبعتم روايات الشيطان؟

حينها يقول الله تعالى: «وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ» (الفرقان: 17).

ثم يتحسرون على أنفسهم في ذلك اليوم العصيب ويُنبئ الله عنهم بقوله سبحانه: «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30)» (الفرقان).

فالرسول عليه الصلاة والسلام يشتكي لله في قوله، أن قومه هجروا القرآن، لماذا يشتكي الرسول قومه بهجر القرآن؟

لأنه لم يُكلَّف بغيره أن يبلغه للناس، وأن يتمسك بكتاب الله ويشرح للناس مقاصد آياته وتعليماته؛ ليدلهم طريق الخير والصلاح ويجنبهم طريق الضلال.

ويؤكد سبحانه لرسوله دعوته بآياته في قوله جل وعلا: «..فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ» (ق: 45).

فبما إن التكليف الإلهي محدد لا لبس فيه، ولا شك بأن مسؤولية الرسول حددها له سبحانه، بإبلاغ القرآن وتطبيق أخلاقياته وفضائله؛ ليكون قدوة للمسلمين، وتلك هي سنته وسيرته ولم يمنحه الله أن يضيف من عنده أحاديث أو روايات، ما أنزل الله بها من سلطان؛ فهو مقيّد بما أوكل إليه من دعوة الناس لرسالة الإسلام، التي تبينها الآيات البينات.

التمسك بالشعائر الدينية سبيل النجاة
إذًا القضية أخلاقية تحافظ على التمسك بالشعائر الدينية حيث يقول سبحانه: «..إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ ..» (العنكبوت: 45).

أي أن الصلاة تُلزم الإنسان بالتعامل بالقيم الأخلاقية والفضائل القرآنية، وتلك هي الإشكالية التي غرستها القوى الشريرة في عقول المسلمين، تحت مسمى الأحاديث ومصطلح السُنة.

أنتجت المذاهب الأربعة واستمد الإرهابيون من داعش والإخوان والسلفية والتكفير والهجرة والقاعدة وغيرهم من المفسدين في الأرض، عقائدهم المدمرة مع كتب الصحاح المحرفة لرسالة الإسلام.

فالقضية هي إغواء كثير من الناس باتّباع الكتب المسمومة التي ساهمت في تغييب العقل ونشر خطاب الكراهية، وتشجيع الإرهاب لنشر الخوف والفزع في المجتمعات الإسلامية والإنسانية.

لقد كان التراث فيما استحدثه من روايات مزورة على الرسول نكبة على المسلمين وخطرًا محدقًا بالإنسانية، وتشويهًا متعمدًا لرسالة الرحمة والسلام والإحسان والتعاون بين الناس جميعًا.




اخترنا لكم