info@assayad.com     +971 2 443 7475     +971 777 55 33
العدد 3907
 - 
السبت ٢٧ - أبريل - ٢٠٢٤ 
ABU DHABI
ABU DHABI
السبت ٢٧ - أبريل - ٢٠٢٤  /  العدد 3907
الأرشيف
تابعونا على فيس بوك
تابعونا على تويتر
أخبار دوليّة
هكذا يرى الثعلب الأمريكي العجوز في عامه 97 هنري كيسنجر : العالم بعد "كورونا" ليس كما قبله
رجح وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر أن يؤديَ وباء كورونا إلى تغيير النظام العالمي للأبد، مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية والاقتصادية الناجمة عن الوباء ستستمر لأجيال، داعياً الادارة الأمريكية للاستعداد إلى "نظام ما بعد كورونا".. وأوضح كيسنجر في مقال نشره بصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن الأجواء العبثية التي يشهدها العالم الآن بسبب الوباء، أعادت إلى ذهنه المشاعر التي انتابته عندما كان جندياً في فرقة المشاة أثناء الحرب العالمية الثانية أواخر عام 1944.. وملخص هذه المشاعر أن ما كان يحصل بسبب تلك الحرب على غرار ما يحصل اليوم مع وباء كورونا أمر لا يطال هذا الشخص أو ذاك بل يستهدف الجميع بشكل عشوائي ومدمر.
إذا كان كيسنجر يأخذ على قادة العالم تعاملهم مع أزمة "كورونا" على أساس الاعتبارات المحلية الضيقة، فإنه يؤكد أن تداعيات تفشي الفيروس الاجتماعية لا تعترف بالحدود.. حيث وصف الدبلوماسي السابق في مقال لمجلة وصحيفة "وول ستريت جورنال"، نشرته مؤخراً نقلته وكالة "نوفوستي" الوباء الذي نتج عن جائحة الفيروس التاجي بالخطر غير المسبوق في تاريخ البشرية من حيث الحجم والعالمية.
واعتبر السياسي البالغ من العمر 97 عاماً، أن "سعادة البشر ورخاء الأمم، لا يمكن تحقيقها إلا بثقة الناس في الحكومات.. وينبغي على السلطات التنبؤ بالمشاكل التي تقترب، والتغلب عليها، ثم استعادة الاستقرار".. وقال كيسنجر إنه بعد انتهاء جائحة COVID-19، ستصدر العديد من الأحكام ضد المؤسسات الحكومية وضد الحكومات نفسها، بشأن كيفية تعاطيها مع هذا الوباء.. وخلص الوزير الأمريكي للقول: "يجب أن لا نكافح فقط ضد الفيروس التاجي، بل يجب أيضاً العمل بالفعل على إنشاء نظام عالمي لما بعد الفيروس".
توقعات الكارثة
أوضح كيسنجر أن الأمم تزدهر وتتماسك باعتقادها أن مؤسساتها يمكن أن تتوقع الكارثة، وتوقف تأثيرها وتستعيد الاستقرار، لافتاً إلى أنه عندما يتم الانتهاء من احتواء الوباء، سيكتشف العالم أن مؤسسات عدد كبير من الدول فشلت بحق في إدارة الأزمة.. وليس المهم حسب كيسنجر أن تكون عملية المحاسبة هذه عادلة أو غير عادلة.. بل إن الأهم في كل ما يحصل وفي الدروس المستخلصة منه هو أن عالم ما بعد وباء كورونا لن يكون عالم ما قبله.
3 محاور
اقترح هنري كيسنجر منهجية لمواجهة تداعيات وباء كورونا على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.. وتقوم هذه المنهجية أساساً على ثلاثة محاور هي التالية :
أولاً: تطوير الأبحاث العلمية لتعزيز قدرة العالم على مواجهة الأمراض والأوبئة التي ستستفحل في المستقبل.
ثانياً: المسارعة إلى إعداد خطط وبرامج من شأنها معالجة الأضرار الاقتصادية الناجمة عن تفشي وباء كورونا وعن تعطل الدورة الاقتصادية برمتها بسبب ذلك.
ثالثاً: حماية مبادئ النظام العالمي الليبرالي.
ويرى كثير من المحللين السياسيين والاقتصاديين - على عكس كيسنجر - أن النظام الليبرالي يُعَدُّ سبباً من الأسباب التي مهدت لانتشار وباء "كورونا" وتفسر اليوم ارتباك قوى كبرى في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية في إدارة ملف هذه الأزمة وعجزها أحياناً عن تلبية حاجات الناس الدنيا لمواجهة خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد.. ومع ذلك فإن غالبية هؤلاء المحللين يشاطرون كيسنجر رأيه في أن التحدي الأهم المطروح أمام الأسرة الدولية اليوم هو العمل في الوقت ذاته على حسن تدبير إدارة الأزمة وعلى بناء المستقبل.
نظام عالمي جديد
وأوضح كيسنجر في مقاله أن "الإدارة الأميركية قامت بعمل قوي في تجنب الكارثة الفورية.. وسيكون الاختبار النهائي هو ما إذا كان من الممكن إيقاف انتشار الفيروس ثم عكسه بطريقة وعلى نطاق يحافظ على ثقة الجمهور في قدرة الأميركيين على إدارة أنفسهم"..
وشدد قائلاً على "ألا تضعف جهود الأزمة، مهما كانت ضخمة وضرورية، المهمة العاجلة المتمثلة في إطلاق مشروع موازٍ للانتقال إلى نظام ما بعد الفيروس التاجي".. وأشار إلى أن القادة يتعاملون مع الأزمة على أساس وطني إلى حد كبير، لكن تأثيرات الفيروس التي تذوب في المجتمع لا تعترف بالحدود.
في حين أن الاعتداء على صحة الإنسان - على أمل - سيكون مؤقتاً، إلا أنه سينتج اضطرابات سياسية واقتصادية قد تستمر لأجيال.. لا يمكن لأي دولة، ولا حتى الولايات المتحدة، أن تتغلب على الفيروس في جهد وطني محض، يجب أن تقترن معالجة ضرورات اللحظة في نهاية المطاف برؤية وبرنامج تعاونين عالميين.. وإذا لم نتمكن من القيام بالأمرين معاً، فسوف نواجه أسوأ ما في كل منهما".
مرحلة تاريخية
وأوضح كيسنجر أنه من خلال استخلاص الدروس من تطوير خطة "مارشال" و"مشروع مانهاتن" تلتزم الولايات المتحدة ببذل جهد كبير في ثلاثة مجالات.. دعم المرونة العالمية تجاه الأمراض المعدية، السعي لشفاء جراح الاقتصاد العالمي، وحماية مبادئ النظام العالمي الليبرالي.. ورأى أن ضبط النفس ضروري من جميع الجوانب.. في كل من السياسة الداخلية والدبلوماسية الدولية، ويجب تحديد الأولويات.. وختم قائلاً: "لقد انتقلنا من معركة الثغرة في الحرب العالمية إلى عالم من الازدهار المتزايد وتعزيز الكرامة الإنسانية.. الآن، نحن نعيش فترة تاريخية.. التحدي التاريخي للقادة هو إدارة الأزمة وبناء المستقبل، الفشل يمكن أن يحرق العالم".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هنري كيسنجر.. خلفية عسكرية واستخباراتية وسياسية وعلمية
هنري ألفريد كيسنجر، ولد في27 مايو 1923 .. سياسي أمريكي، ودبلوماسي، وخبير استشاري جيوسياسي، شغل منصب وزير خارجية الولايات المتحدة ومستشار الأمن القومي الأمريكي في ظل حكومة الرؤساء ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد.. والمعروف أنه لاجئ يهودي هرب مع عائلته من ألمانيا النازية عام 1938، أصبح مستشار الأمن القومي في عام 1969 ووزير الخارجية الأمريكي في عام 1973.. وبسبب إجراءاته في التفاوض لوقف إطلاق النار في فيتنام، حصل كيسنجر على جائزة نوبل للسلام عام 1973 في ظل ظروف مثيرة للجدل، حيث استقال عضوان من اللجنة احتجاجاً على ذلك، وسعى كيسنجر لاحقاً، دون جدوى، إلى إعادة الجائزة بعد فشل وقف إطلاق النار.
مارس الواقعية السياسية، حيث لعب كيسنجر دوراً بارزاً في السياسة الخارجية للولايات المتحدة بين عامي 1969 و 1977، خلال هذه الفترة، كان رائداً في سياسة الانفراج الدولي مع الاتحاد السوفييتي، ونسق افتتاح العلاقات الأمريكية مع جمهورية الصين الشعبية، وانخرط في ما أصبح يُعرف باسم دبلوماسية الوسيط المتنقل في الشرق الأوسط لإنهاء حرب أكتوبر، والتفاوض على اتفاقيات باريس للسلام، وإنهاء التدخل الأمريكي في حرب فيتنام.
النشأة والشباب
وُلد كيسنجر باسم هينز ألفريد كيسنجر في فورث، بافاريا، ألمانيا في عام 1923 لعائلة من اليهود الألمان، والده مدرس اسمه لويس كيسنجر (1887-1982)، ووالدته، بولا (ستيرن) كيسنجر (1901–1998)، من لويترسهاوزن، وكانت مدبرة منزل.. كان لدى كيسنجر أخ يصغره بالسن، والتر كيسنجر (مواليد 1924).. وقد اعتُمدت كنية عائلة كيسنجر في عام 1817 من قبل جد جد جده الأكبر ماير لوب، بعد ظهور حمامات بافاريا الطبية في باد كيسينغن.
في شبابه، استمتع كيسنجر بلعب كرة القدم، ولعب في جناح الشباب في ناديه المفضل، غرويتر فورت، الذي كان واحد من أفضل الأندية الوطنية في البلاد في ذلك الوقت، وفي عام 1938، عندما كان كيسنجر يبلغ من العمر 15 عاماً، هرب من ألمانيا مع عائلته نتيجة للاضطهاد النازي.. وهاجرت عائلته لفترة قصيرة إلى لندن، إنجلترا، قبل وصوله إلى نيويورك في 5 سبتمبر.
وقضى كيسنجر سنوات دراسته الثانوية في قسم مرتفعات واشنطن في مانهاتن العليا كجزء من مجتمع المهاجرين اليهود الألمان الذين كانوا يقيمون هناك في ذلك الوقت، على الرغم من اندماج كيسنجر بسرعة في الثقافة الأمريكية، إلا أنه لم يفقد لهجته الألمانية الواضحة، وذلك بسبب خجله أثناء طفولته ما جعله يتردد في التحدث.
بعد عامه الأول في مدرسة جورج واشنطن الثانوية، بدأ في الذهاب إلى المدرسة ليلاً وعمل في مصنع لفرش الحلاقة خلال النهار.. وبعد المدرسة الثانوية، التحق كيسنجر في كلية مدينة نيويورك، ودرس في قسم المحاسبة، تفوق أكاديمياً كطالب بدوام جزئي، وواصل عمله بعد التحاقه بالجامعة.. ثم توقفت دراسته في أوائل عام 1943، عندما جُند في الجيش الأمريكي.

الخبرة العسكرية
خضع كيسنجر للتدريب الأساسي في معسكر كروفت في سبارتانبرغ، في كارولينا الجنوبية.. في 19 يونيو 1943، أثناء وجوده في كارولينا الجنوبية، وهو في العشرين من عمره، تجنس بالجنسية الأمريكية، أرسله الجيش لدراسة الهندسة في كلية لافاييت، في بنسيلفانيا، ولكن أُلغي البرنامج، ونُقل كيسنجر إلى كتيبة المشاة 84.. وهناك، تعرف على فريتز كرايمر، وهو زميل مهاجر يهودي من ألمانيا أشار إلى طلاقة كيسنجر بالألمانية وذكائه، ونظم له انضمامه في قسم فرع المخابرات الحربية، كما شهد كيسنجر قتالاً مع الفرقة، وتطوع في المهام الاستخباراتية الخطرة أثناء معركة الثغرة.
أثناء التقدم الأمريكي إلى ألمانيا، كُلف كيسنجر، الذي كان مجرد عسكري، بإدارة مدينة كريفيلد، ويُعزى ذلك إلى نقص الناطقين بالألمانية في شعبة فريق الاستخبارات، وفي غضون ثمانية أيام أسس إدارة مدنية، ثم أُعيد تعيين كيسنجر في فيلق مكافحة التجسس (سي آي سي)، حيث أصبح عميلاً خاصاً في فيلق مكافحة التجسس برتبة رقيب، ثم كُلف بإدارة فريق في هانوفر لتعقب ضباط غيستابو ومخربين آخرين، مُنحت له ميدالية النجمة البرونزية، في يونيو 1945، أصبح كيسنجر قائداً لمفرزة مترو بنسهايم في فيلق مكافحة التجسس، منطقة بيكشتراسة في هسن، مع مسؤولية اجتثاث النازية من المنطقة، وعلى الرغم من تمتعه بسلطة مطلقة والقدرة على الاعتقال، حرص كيسنجر على تجنب الانتهاكات في وجه السكان المحليين على أيدي قيادته.. وفي عام 1946، أُعيد تكليف كيسنجر للتدريس في مدرسة الاستخبارات في القيادة الأوروبية في كامب كينج، وبصفته موظفاً مدنياً بعد انفصاله عن الجيش، استمر في عمله في هذا الدور الذي يقوم به.

مسيرته العلمية الأكاديمية
حصل هنري كيسنجر على البكالوريوس بدرجة امتياز، فاي بيتا كابا في العلوم السياسية من كلية هارفارد عام 1950 ، حيث كان يعيش في دار آدمز ودرس تحت إشراف ويليام ياندل إليوت.. وكانت أطروحته في الصف النهائي من المرحلة الجامعية بعنوان معنى التاريخ: تأملات في شبينغلر وتوينبي وكانت، وتجاوزت أطروحته 400 صفحة.. كما حصل على درجة الماجستير والدكتوراه في جامعة هارفارد في عامي 1951 و 1954، على التوالي، وفي عام 1952، بينما كان لا يزال طالب دراسات عليا في جامعة هارفارد، وشغل منصب مستشار لمدير مجلس الاستراتيجيات النفسية.



اخترنا لكم