تحت عنوان حسان دياب يرتكب ثلاثة أخطاء قاتلة بحق الأرثوذكس ، كتب غسان ريفي في "سفير الشمال":
كثيرة هي التأويلات التي حملها اتصال بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي برئيس الحكومة حسان دياب ، سواء لجهة توقيته بعد اللقاء الأرثوذكسي الجامع الذي عقد في مطرانية بيروت قبل أيام احتجاجاً على الظلم الذي تتعرض له الطائفة في التعيينات الإدارية، أو لجهة اللغط الذي أثير حول مضمون الاتصال الذي يبدو أن دياب حاول استثماره ووضعه في خانة الدعم لتوجهاته الوطنية والاجراءات التي يتخذها، قبل أن توضح البطريركية الأرثوذكسية في بيان ما قاله اليازجي لدياب، ما أدى الى إحراج رئيس الحكومة المأزوم والذي أساء الى نفسه وأقدم على دعسة ناقصة لم يسبقه إليها أحد.
لا شك في أن اتصال البطريرك اليازجي برئيس الحكومة لم يأت من فراغ، بل يبدو أن اللقاء الجامع الذي عقد في مطرانية بيروت وضم للمرة الأولى كل النواب والوزراء الأرثوذكس الحاليين والسابقين ومن كل الاتجاهات السياسية والحزبية برئاسة المطران إلياس عودة، قد أزعج اليازجي خصوصاً في ظل التباينات الحاصلة بينه وبين عودة، فضلاً عن أنها المرة الأولى التي يعقد فيها لقاء من هذا النوع من دون أن يكون برئاسته وخارج المقر البطريركي في البلمند، فسارع اليازجي الى استدراك الأمر والقفز فوق مقررات اللقاء الأرثوذكسي، والاتصال بالرئيس حسان دياب للتأكيد على احترام مواقع الطائفة في التعيينات وتعويض الظلم الذي لحق بها في التعيينات السابقة، وليس لتأييد مواقفه كما جاء في بيان رئاسة الحكومة.
ومن سوء حظ دياب، أنه ربما لم يتابع تفاصيل اللقاء الأرثوذكسي ولا يعلم بالتباينات القائمة بين البطريرك اليازجي والمطران عودة وبعض أركان الطائفة، فأراد استغلال اتصال رأس الكنيسة به للإعلان عن دعم مزعوم لحكومته، وتأييد لتوجهاته بالنسبة للتعيينات الادارية، ما أظهر أن ثمة شرخ كبير بين اليازجي وأركان طائفته الذين رفضوا استبدال الموظفين الأرثوذكسيين بآخرين من مذاهب أخرى وطالبوا برفع الظلم، في حين وبحسب بيان دياب أيد اليازجي خطوات رئيس الحكومة، بما أوحى بأن رأس الكنيسة الأرثوذكسية يعمل ضد أبنائها، فكان ردّ البطريركية بالبيان "الصدمة" الذي وضع النقاط على الحروف وأظهر حقيقة مضمون الاتصال.
ويمكن القول، إن رئيس الحكومة حسان دياب إرتكب ثلاثة أخطاء قاتلة بحق الأرثوذكس، الأول، إصراره على ضرب التوازن المذهبي لدى المسيحيين والذي بدأ يأخذ منحى حساسا بفعل التعدي المستمر على حقوق الأرثوذكسيين، والثاني "تحوير" كلام رأس الكنيسة الأرثوذكسية لمصلحته ومصلحة حكومته الأمر الذي ضرب مصداقية السراي وأساء الى موقع رئاسة الحكومة التي لم يسبق لها أن دخلت في متاهات من هذا النوع من إتصال وزير الخارجية الفرنسي الى إتصال البطريرك اليازجي.
أما الخطأ الثالث، هو تسريب تساؤل ساخر لدياب عندما كان يناقش موضوع التعيينات وحقوق الأرثوذكس مع بعض الوزراء، حيث قال: ليش وين بعد في أرثوذكس في بيروت؟.. وفي ذلك كلام غير مسؤول يسيء إلى طائفة بكاملها ويقلل من شأنها، ولا ترضى به الطوائف الأخرى، ولا يليق برئيس حكومة لبنان الذي عليه أن يحافظ على التوزانات الدقيقة التي يقوم عليها البلد، لا أن يتعاطى بهذه الخفة وبهذا الارتجال في مواضيع حساسة من هذا النوع.
* المصدر: "سفير الشمال"