info@assayad.com     +971 2 443 7475     +971 777 55 33
العدد 3907
 - 
الجمعة ١٩ - أبريل - ٢٠٢٤ 
ABU DHABI
ABU DHABI
الجمعة ١٩ - أبريل - ٢٠٢٤  /  العدد 3907
الأرشيف
تابعونا على فيس بوك
تابعونا على تويتر
أخبار عربيّة
"لبنان 2020" سنة مأساوية
فساد سياسي يقود لكارثة إنسانية
اعتاد لبنان على الهزات السياسية خلال تاريخه المعاصر، لكن هزات سنة 2020 ترافقت مع أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة.. تبخرت نشوة ثورة أكتوبر في لبنان مع حلول عام 2020.. وأدى الانهيار الاقتصادي ووباء فيروس كورونا إلى إلحاق أضرار قاتلة بآمال التغيير، وجاء المسمار الأخير في تابوت البلاد مع انفجار مرفأ بيروت.. ورغم ذلك، فإن الأمل ينبثق إلى الأبد، وهناك البعض الذين لا يزالون متمسكين بالتفاؤل الضئيل بأن لبنان قد يخرج من هذا النفق المظلم من الشلل والانحدار السياسي.


عاشت بيروت فترات مأساويّة، شهدت فيها الكثير من الاشتباكات والتفجيرات والاغتيالات منذ نهاية الحرب الأهلية التي عاشتها البلاد بين عامي 1975 و1990.. فلا يكاد يمّر عام إلا ويقع في المدينة حدث مؤسف.. إلا أن 2020 كانت السنة الأسوأ حيث وصل فيها لبنان إلى طريق مسدود سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.. وهذا ما نستعرضه في هذه السطور:
الحراك الشعبي
منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 بدأت في العاصمة اللبنانية سلسلة احتجاجات شعبية للاعتراض على قرارات الحكومة برفع أسعار بعض السلع واستحداث ضريبة جديدة على استخدام تطبيقات المكالمات الهاتفية على الإنترنت مثل "واتس آب" لكن في واقع الأمر كانت هذه المظاهرات تمرداً ضد الطبقة السياسية الحاكمة التي استحوذت على السلطة لثلاثة عقود.. وخلال الاحتجاجات سقط العشرات من المدنيين ومئات الجرحى إثر اشتباكات اندلعت بين قوات الجيش والمدنيين، كما تقدم رئيس الوزراء سعد الحريري باستقالته.
وبسبب عدة أزمات متلاحقة طرأت على الساحة اللبنانية، لم يكتب لهذا الحراك الاستمرار كثيراً، مروراً بالقمع الذي مارسه النظام وانهيار العملة المحلية والنظام المصرفي وتفشي فيروس كورونا المستجد، وكذلك تفاقم الأوضاع الاقتصادية بعد انفجار مرفأ بيروت.. وبعد أن مرت سنة كاملة عليه، بات من الواضح أن الحراك الشعبي غير قادر على خلق سلطة سياسية بديلة داخل لبنان حتى الآن.
أسبوع الغضب
مع مطلع سنة 2020، نشبت اشتباكات عنيفة بين الشرطة ومحتجين في بداية ما سمي بـ "أسبوع الغضب"، وذلك على خلفية استهداف عدة مصارف في بيروت من قبل محتجين.. وجاء ذلك بعد أن فرضت المصارف سقفاً منخفضاً على عمليات السحب النقدي والائتماني، فضلاً عن تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي بعدما فقدت أكثر من 40 في المئة من قيمتها.
أزمة "اليوروبوندز"
قرّر لبنان في 7 مارس/آذار الماضي، التوقف عن دفع سندات "اليوروبوندز"، المستحقة وتبلغ قيمتها 1.2 مليار دولار.. و"اليوروبوندز" هي ديون على الدولة اللبنانية بالدولار، وهو ما اعتبره محللون بأنها خطوة أخرى تشير إلى عمق الأزمة الاقتصادية في البلاد.. وحسب ما أشارت إليه عدة صحف لبنانية آنذاك، فإن البلاد دخلت مرحلة جديدة قد تقود إلى إعادة صياغة نظامها الاقتصادي والمالي.. فلأول مرة يتخلف لبنان عن سداد ديونه في تاريخ تعاملاته المالية، سواء مع الخارج أو مع الداخل.. واعتبرت أن قرار الحكومة هو بمثابة مفترق الطرق الخطير الذي تقف على أعتابه البلاد.. فإما سلوك خيار الإنقاذ والبحث عن خيارات اقتصادية أخرى غير تلك التي أوصلت إلى انهيار متسارع، وإمّا إضاعة الفرصة وإعادة تعويم النظام الاقتصادي الحالي بصيغٍ جديدة، أكثر شراسة في سحق الشعب وتعميق الفروق الطبقية والانقسامات الطائفية والمذهبية.
شهور "كورونا"
على الرغم من أن لبنان كان متخبطاً في أزمات اقتصادية خطيرة بدأت قبل تفشّي كورونا.. إلا أن الجائحة جاءت لتُفاقم الوضع لاسيما مع الصعوبات والتحديات القائمة بالفعل.. وأشارت منظمة العمل الدولية إلى عدة آثار سلبية خلفتها تلك الأزمة على العمال الضعفاء والمنشآت الصغيرة في لبنان.. حيث يعيش نصف السكان حالياً تحت خط الفقر، وقد أصبح الأمن الغذائي في خطر، وانهار النظام الصحي بشكل تام، ويعتمد الاقتصاد اللبناني حالياً على المساعدات الدولية.
فالانكماش الحاصل في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12 بالمائةربحسب تقديرات وزارة المالية من المتوقّع أن يتواصل في السنوات الثلاث القادمة ليصل إلى نسبة تراكمية قد تتخطى 30 بالمائة، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتقليص القدرة المعيشيّة للمقيمين.. كما أشار استطلاع أجراه "المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق" حول تداعيات الأزمة المالية والإغلاق بسبب فيروس كورونا إلى أن 30.8 في المائة من المؤسسات استغنت عن عمالها، كما أن أكثر من 33 في المائة من العاملين في القطاع الخاص توقفت رواتبهم بالكامل و35 في المائة خُفضت أجورهم.
الليرة تواصل هبوطها
في شهر أبريل الماضي، اشتعلت الاحتجاجات مرة أخرى في بعض المدن اللبنانية وأسفرت عن مقتل متظاهر شاب ووقوع عدد من الجرحى، وذلك بعد تسجيل الليرة اللبنانية مزيداً من الهبوط أمام الدولار ما تسبب في زيادة غلاء السلع الأساسية.. حيث فقدت العملة اللبنانية أكثر من نصف قيمتها وأصبح لها أربعة أسعار: السعر الرسمي، سعر محلات الصيرفة، سعر الصرافين غير المرخصين، وسعر المصارف.. وفي ذلك الوقت، حمّل عدد من المحتجين الطبقة السياسية بكاملها مسؤولية انهيار العملة الوطنية وما ألت إليه الأوضاع داخل البلاد، فيما قال رئيس الوزراء حسان دياب في تصريحات إعلامية آنذاك، إن خطة الإصلاح الحكومية تعتزم الانتقال إلى سعر صرف مرن، ينخفض على أثره السعر إلى 4297 ليرة مقابل الدولار بحلول 2024.
انفجار مرفأ بيروت
في الرابع من أغسطس/ آب الماضي، وقع انفجار ضخم في عنبر رقم 12 بمرفأ بيروت، ووفق تقديرات رسمية فإنه كان يحوي نحو 2750 طناً من مادة "نترات الأمونيوم" شديدة الانفجار، حيث كانت مُصادرة من سفينة ومُخزنة منذ عام 2014.. وقد ألحق الانفجار أضرارا بالغة في العاصمة، وقتل وجرح وشرد مئات الآلاف من المواطنين، مما استدع تحرك دولي بعد إطلاق السلطات المحلية نداء استغاثة.
فأكثر من 170 شهيداً ونحو 6000 جريح وأضرار مادية جسيمة تُقدّر بـ 15 مليار دولار، هي حصيلة الخسائر الناجمة عن انفجار المرفأ والذي كان من الممكن تفاديه، بحسب رأي الكثيرين.. واستقالت حكومة حسان دياب بعد أسبوع من الانفجار، كما قدم مصطفى أديب استقالته لاحقاً بعد الفشل في تشكيل حكومة مستقلة.. وفي وقت لاحق وجه المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت فادي صوان دعوى قضائية بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وثلاثة وزراء سابقين بتهمة "الاهمال والتقصير والتسبب بوفاة" وجرح مئات الأشخاص.. وقد شهد لبنان موجة هجرة واسعة بعد انفجار مرفأ بيروت، حيث غامر مئات الأشخاص بالهروب عبر البحر الأبيض المتوسط بحثا عن فرص حياة أفضل، حسب ما أفادت به منظمة "أنقذوا الأطفال" غير الحكومية.
تهديدات ماكرون
هدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الطبقة السياسية في لبنان بعدم تقديم أية مساعدات مالية قبل تشكيل حكومة جديدة وإجراء إصلاحات.. وجاءت تصريحات الرئيس الفرنسي على هامش افتتاح مؤتمر دولي لدعم لبنان بعد مرور أربعة أشهر على انفجار مرفأ بيروت وفي توقيت تتواصل فيه خلافات المسؤولين اللبنانيين.
الحريري والحكومة المعطلة
في 9 ديسمبر/ كانون الأول 2020 قدم رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري، قائمة تضم 18 وزيراً للرئيس ميشال عون بعد شهور من التشاحن الذي حال دون الاتفاق على حكومة جديدة..
.. في النهاية، هل سيشهد العام 2021 خططاً عاجلة وتشكيل حكومة توافقية تنقذ ما يمكن إنقاذه في لبنان، أم سيتسمر الوضع كما هو عليه في منع القيام بإصلاحات تلبي طموح اللبنانيين، بسبب تركيبة النظام الطائفية والمذهبية...!



اخترنا لكم