info@assayad.com     +971 2 443 7475     +971 777 55 33
العدد 3907
 - 
السبت ٢٠ - أبريل - ٢٠٢٤ 
ABU DHABI
ABU DHABI
السبت ٢٠ - أبريل - ٢٠٢٤  /  العدد 3907
الأرشيف
تابعونا على فيس بوك
تابعونا على تويتر
أخبار دوليّة
"القيصر" يتحول إلى "تنين الضباب"
هل يبقى فلاديمير بوتين في "الكرملين" حتى عام 2036 ؟
* فالنتين يوماشيف : بوتين قدم نفسه ليبرالياً وديمقراطياً.. يسعى لتحرير الاقتصاد
* ستيف روزنبرغبي : من الواضح أن الروس مازالوا يثقون بالرئيس بوتين

أصبح من حق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الترشح لفترتين إضافيتين بعد انتهاء فترة رئاسته الحالية في عام 2024، فترة حتى عام 2030 والأخرى حتى عام 2036، حيث سيكون عمره قد جاوز الثمانين عاماً، ولكن السؤال الآن هو: هل سيبقى بوتين حقاً في الكرملين بعد انتهاء فترة رئاسته الحالية ؟..
بوتين حصل على هذه الميزة الجديدة بعد أن صوت المواطنون الروس على مجموعة من التعديلات الدستورية في استفتاء استغرق أسبوعاً، شملت بين أمور أخرى حظر حمل كبار المسؤولين جنسية دولة أخرى، وحظر "نزع ملكية" الأراضي الروسية، وتحديد الزواج بأن يكون بين رجل وامرأة، و"حقوقاً اجتماعية" مثل ضمانات بأن يفوق الحد الأدنى للأجور الحد الأدنى للدخل الكافي للمعيشة وتعديل المعاشات وفقاً للتضخم.
احتمالات بقاء بوتين بعد انتهاء ولايته الحالية .. في هذه السطور.






على مدى أسبوع، واصل ملايين الروس الإدلاء بأصواتهم في استفتاء لتعديل دستور بلادهم، وقد صوت العديد منهم في مراكز اقتراع نُصب بعضها على جذوع أشجار أو مقاعد حدائق أو متنزهات عامة بل وحتى في صناديق السيارات.. كما أُجريت سحوبات يانصيب لجذب الجمهور إلى عملية التصويت؛ تراوحت جوائزها من الفوز بكوبونات تسوق حتى الفوز بسيارة أو شقة.. ورفضت شخصيات معارضة مجمل العملية واصفين إياها بـ "المهزلة" التي امتدت على مدى سبعة أيام من دون مراقبة صحيحة أو تدقيق من جهة مستقلة.
خطة غامضة
يقول الكاتب ديمتري اليكسندر سايمز المهتم بالشأن الروسي في تقرير نشرته مجلة "ذا ناشونال انتريست" الأمريكية إنه بعد إعلان لجنة الانتخابات المركزية في روسيا موافقة 77.9 % من الناخبين على التعديلات المقترحة، تركزت كل الأنظار على مستقبل بوتين السياسي، حيث لا يعتقد بعض الخبراء والمطلعين على بواطن الأمور السياسية الروسية إلى حد كبير أن بوتين سوف يستخدم هذا الحق الذي أصبح متاحاً له في ظل الدستور الجديد.. فقد قال اليكسي تشيسناكوف، وهو محلل سياسي، عمل مديراً لمركز دراسة الأوضاع السياسية التابع للسلطات الرسمية الروسية، لمجلة "ذا ناشونال انتريست" إن خطط بوتين المستقبلية ليست واضحة تماماً، ومن المحتمل أن هذا هو ما يريده الرئيس الروسي.
"تنين الضباب"
وقال تشيسناكوف إن هناك مفهوماً لدى الصينيين يعرف بـ"التنين في الضباب": وهو ما يمثل لاعباً قوياً في مساحة غامضة يمكنه أن يضرب منافسيه في أي لحظة من زاوية غير متوقعة.. ويمكن أن تساعد هذه الصورة في توضيح المنطق وراء سلوك بوتين: فهو يريد أن يظل "تنيناً في الضباب" حتى نهاية رئاسته.
وأوضح تشيسناكوف أن هدف بوتين من وراء ذلك هو عدم انشغال النخبة السياسية الروسية طوال السنوات المتبقية من فترة رئاسته في محاولة تملق من يحتمل أن يخلفوه، بدلاً من "العمل من أجل الاستقرار" كما أن الإبقاء على احتمال الترشح مرة أخرى عام 2024 مفتوحاً سوف يساعد في إحباط مثل هذه المناورات.. وقال تشيسكانوف إن إلغاء القيود على الفترات الرئاسية سيبعث أيضاً برسالة للقادة الأجانب بأن بوتين يشعر بالثقة إزاء قدرته على البقاء رئيساً لروسيا طوال السنوات العشر المقبلة على الأقل.
ومن الممكن أن يتساءل المرء هل هناك سبب آخر وراء قرار بوتين الدفع بدستور جديد.. وفي هذا الإطار يقول تشيسكانوف إنه "إذا ما نظرنا إلى هذا القرار من الناحية الاستراتيجية، فإنه لا شك أن بوتين أراد ليس فقط منح نفسه فرصة للترشح مرة أخرى، ولكن أيضا أراد تحقيق تغييرات من شأنها تثبيت خطابه الأيديولوجي والسياسي في النظام السياسي الروسي".. وإذا ما قرر بوتين العودة إلى الكرملين في عام 2024، فإنه سيكون قادراً على ممارسة سلطة أكبر كرئيس.
تعزيز نفوذ
التعديلات الدستورية التي تمت الموافقة عليها مؤخراً عززت من نفوذ الرئيس على السلطة القضائية.. وعلى سبيل المثال، لم يعد الرئيس في حاجة لطلب الموافقة من مجلس الاتحاد، وهي الغرفة الأعلى في البرلمان الروسي، بالنسبة لتعيين أو عزل النائب العام.. كما أن باستطاعة الرئيس الآن أن يقترح على مجلس الاتحاد عزل كبار القضاة، بينما كان لا يمكن أن يتم هذا في ظل الدستور القديم إلا بتقديم القضاة الآخرين توصية بذلك.. وفي الوقت نفسه، من حق الرئيس الآن تعيين ما يصل إلى 30 من أعضاء مجلس الشيوخ في مجلس الاتحاد، بما في ذلك تعيين سبعة منهم مدى الحياة.. وكان مسموحاً للرئيس في السابق تعيين ما يصل إلى 17 من أعضاء مجلس الشيوخ، لا يتم تعيين أي منهم مدى الحياة.. وعلاوة على ذلك، من حق الرئيس الآن في حالة تركه منصبه أن يصبح عضواً في مجلس الشيوخ مدى الحياة.
واكتسب البرلمان وفقاً للتعديلات الأخيرة سلطات جديدة.. فباستطاعة مجلس "الدوما" الغرفة الأدنى في البرلمان الروسي الآن تأكيد أو رفض المرشحين لمنصب رئيس الوزراء وغيره من المرشحين للمناصب العليا في مجلس الوزراء.. ومع ذلك، يقول بعض الخبراء إن هذه التغييرات ليست ذات أهمية عملياً.
هيمنة الرئاسة
قالت تاتيانا ستانوفايا، وهي المؤسسة لمركز التحليلات السياسية "أر بوليتيك" إنه "إذا نظرنا إلى جوهر هذه الإصلاحات، فإننا نجد أن الرئاسة هي المؤسسة المهيمنة، بينما السلطات الجديدة التي تم منحها للبرلمان ليست مهمة، وهامشية، ولا تمدها بأي ميزة بشكل عام"، إذ إنه إذا فشلت الغرفة الأدنى في البرلمان في تأكيد تعيين مرشحي الحكومة ثلاث مرات، فإنه من حق الرئيس وفقاً للدستور الجديد تعيينهم بنفسه.
ويرى الكاتب ديمتري اليكسندر سايمز في نهاية تقريره أن المعارضة الروسية فشلت في تحقيق أي زخم مهم ضد الإصلاحات الدستورية المقترحة من الكرملين، رغم أن انتشار فيروس كورونا والمتاعب الاقتصادية تسببا في انخفاض شعبية بوتين قبل الاستفتاء والتي وصلت إلى 59%، وهى أقل نسبة منذ عام 1999، وفقاً لاستطلاع رأي أجراه مركز ليفادا المستقل.. ورغم أن التعديل الخاص بزيادة الفترات الرئاسية قد أثار جدلاً كبيراً، حظيت الضمانات الاجتماعية الجديدة في الدستور الجديد برضا واسع النطاق من جانب الشعب الروسي.
الرئيس "يفكر"
من ناحيته ألمح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين مؤخراً إلى احتمال تفكيره في الترشّح لولاية رئاسية جديدة في العام 2024، حال وافق الناخبون على تعديلات دستورية تمكنه من ذلك.. "والتي جرت فيما بعد وأقرت من قبل الشعب" وفي مقابلة مع التلفزيون الرسمي، جرى بثها في أقصى شرق روسيا قبل إذاعتها في غرب البلاد، نُقل عن بوتين قوله: "أنا لا أستبعد احتمال الترشح للمنصب، إذا ظهر هذا الخيار في الدستور، سنرى، لم أقرّر أي شيء لنفسي بعد".. وقد تمكّن التعديلات التي سيصوت عليها الروس، والتي وافق عليها البرلمان والمحكمة الدستورية، بوتين من بدء فترة رئاسية جديدة وكأنها أول فترة له.
ويرى بوتين، الذي يتولى السلطة منذ عقدين ويبلغ عمره الآن 67 عاماً، أن البحث عن مرشح بديل في حال عدم ترشحه لفترة رئاسية جديدة، ربما يسبب ارتباكاً.. ونقلت وكالة أنباء انترفاكس عن بوتين قوله: "إذا لم يحدث هذا، فبعد عامين تقريباً، وأنا أعلم ذلك من تجربة شخصية، سيتم استبدال إيقاع العمل المعتاد في أجزاء كثيرة من الحكومة بالبحث عن بدلاء محتملين، يتعين علينا أن نعمل لا أن نبحث عن بدلاء".
رؤية بوتين لروسيا
قال بوتين في خطابه الذي وجهه إلى الأمة قبل اليوم الأخير للتصويت في الاستفتاء: "نحن نصوّت من أجل البلاد التي نُريد العيش فيها .. والتي نُريد أن نُسلمها إلى أطفالنا"، وكان يقف تحت تمثال ضخم لجندي روسي ليشدد على ما يراه "الحس الوطني" في هذه العملية.. ويمثل هذا التعديل الدستوري، وهو أكبر تعديل منذ عام 1993، جزئياً محاولة لتجسيد رؤية بوتين لروسيا: محدداً القيم والأولويات التي رسخها خلال عقدين من وجوده في الكرملين.
وتقول تاتيانا ستانوفايا، رئيسة مركز الأبحاث السياسية "لا يستطيع بوتين أن يقول لنفسه فقط "أريد أن أفعل كل شيء ممكن للبقاء في السلطة".. وتضيف "يُحاول الناس إخفاء الأشياء المتواضعة التي يعملونها بشيئ أكثر فخامة وإيجابية.. لذا فإنه (بوتين) يقول: أريد أن أخلق روسيا عظيمة وأن أبقى في السلطة أيضاً".
ويحتوي الدستور الجديد على فقرات تشجع التعليم الوطني، وتشدد على منع زواج المثليين وتضيف إشارة دينية واضحة إلى الرب، وتصب كل الفقرات في تعزيز النزعة الثقافية المحافظة التي تميز بها حكم بوتين.. وهذه التعديلات التي ضمت بنوداً "أيديولوجية" فضلاً عن أخرى "اجتماعية" مثل ضماناتٍ للحد الأدنى للأجور، نوقشت بحيوية عبر برامج التلفزيون الحكومي وأيدها العديد من المشاهير في روسيا.. وعلى العكس من ذلك، لم يذكروا إلا نادراً أن هذه التعديلات تسمح أيضا لبوتين بأن "يُصفّر" دوراته الرئاسية التي تنتهي في عام 2024، بما يسمح له الاستمرار في السلطة لدورتين رئاسيتين أخريين.
الدستور الروسي الجديد
تشمل التعديلات عشرات المواد الموجودة في الدستور، فضلاً عن إضافة مواد أخرى.. ويُمكن تصنيفها بشكل عمومي تحت ثلاثة أبواب ويكرس العديد منها موادا في الدستور هي موجودة أصلاً حالياً في القانون الفيدرالي:
1- الأيديولوجيا المحافظة:
- منع أي فعل يهدف إلى "مصادرة" أي أرض روسية، أو يدعو إلى ذلك.
- حماية "الحقيقة التاريخية" عن الحرب الوطنية الكبرى (1941 - 1945) ومنع "الاستهانة" بمآثر ومنجزات من قاتلوا فيها.
- حماية المؤسسة الزوجية بوصفها ارتباطا بن رجل وامرأة.
- منع المسؤولين من حمل جوازات أجنبية أو إقامة أجنبية أو حسابات في بنوك أجنبية.
- الإشارة إلى إيمان الروس بالرب، كما ورثوا ذلك من أسلافهم.
2- قضايا اجتماعية:
- ربط معاشات التقاعد بمؤشر المستهلك (مستوى التضخم).
- يجب أن لا يكون الحد الأدنى للأجور أقل من الحد الأدنى للدخل الذي يضمن مورد العيش.
- بلورة "موقف مسؤول" تجاه الحيوانات:
3- المؤسسات الرسمية
- مجلس الدولة سيحدد "توجه السياستين الداخلية والخارجية والأولويات الاجتماعية والاقتصادية".
- تحدد فترة الرئاسة للشخص الواحد بدورتين رئاسيتين (بدلاً من دورتين متتاليتين).
وفي هذه الحالة لن يتم احتساب الدورات السابقة لمن هو في الرئاسة الآن ، وهذا ما سُمي بـ "تصفير" الدورات الرئاسية الماضية لبوتين، بما يسمح بترشحه من جديد لدورتين أخريين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كادر
كيف أصبح ضابط الاستخبارات السابق بوتين رئيساً لروسيا؟
على مر العصور، وصل الحكام الروس إلى السلطة عبر طرقٍ مختلفة؛ ففي حين نالها القياصرة الروس بالولادة، حازها فلاديمير لينين عبر الثورة، ووصل إليها الأمناء العامون للحزب الشيوعي السوفييتي عبر تسلق السلم نحو المكتب السياسي للحزب وانتظار أن يأتيهم الدور.. أما فلاديمير بوتين فقد سلَّمه الكرملين السلطة، قبل 20 عاماً، على طبقٍ من ذهب؛ إذ اختار الرئيس السابق، بوريس يلتسن، ودائرته المقرّبة الضابط السابق في جهاز الاستخبارات الروسية (كي. جي. بي) لقيادة روسيا نحو القرن الحادي والعشرين..
ولكن لماذا وقع اختياره على بوتين؟
النائب اللامع
ويقول ستيف روزنبرغبي مراسل "بي سي" في موسكو : "أدى فالنتين يوماشيف دوراً محورياً في تولي بوتين رئاسة روسيا.. وعلى الرغم من أن يوماشيف، الذي عمل بالصحافة قبل أن يصبح مسؤولاً بالكرملين، نادراً ما يقبل إجراء مقابلات صحفية، إلا أنه وافق على لقائي لرواية قصته.. كان يوماشيف أحد أهم مساعدي بوريس يلتسن الموثوقين.. كما تزوج من ابنته، تاتيانا، وبوصفه رئيساً لموظفي يلتسن، منح يوماشيف بوتين أول وظيفة في الكرملين عام 1997، ويستعيد يوماشيف لقائه الأولببوتين بالقول: "أخبرني أناتولي تشوبايس، مدير مكتب الرئيس المنتهية ولايته بأنه يعرف مديراً قوياً يصلح لكي يكون نائباً جيداً لي".
ويتابع يوماشيف: "عرَّفني تشوبايس ببوتين وبدأنا العمل سوياً.. لاحظتُ كفاءته على الفور.. كان بارعاً في صياغة الأفكار والتحليل والدفاع عن موقفه".. وسألتُ يوماشيف عمّا إذا كان قد فكَّر، ولو للحظة، في أن هذا الرجل قد يصبح رئيساً، فأجاب بالقول: "فكّر يلتسن في عدد من المرشَّحين، مثل بوريس نيمتسوف وسيرجي ستيفاشين ونيكولاي أكسينينكو، تحدثنا كثيراً عن عدد من الخلفاء المحتملين، وفي وقتٍ ما، ناقشنا بوتين.. سألني يلتسن عن رأيي فيه فأجبتُ بأنه مرشح رائع يجب أخذه في الاعتبار؛ إذ كانت الطريقة التي يعمل بها تشي بمدى قدرته على القيام بمهام أصعب".
وفي معرِض الردِّ على سؤال حول ما إذا كان عمل بوتين في جهاز الاستخبارات قد ثبّط حماس يلتسن لبوتين، قال يوماشيف إن كُثراً ممن تركوا الخدمة في جهاز "كي جي بي" ومن بينهم بوتين، أدركوا حقيقة أن الجهاز قد فقد الكثير من مصداقيته، لذا فحقيقة عمله في الجهاز لم تعنِ شيئاً.. وأضاف يوماشيف: "لقد قدم بوتين نفسه بوصفه رجلاً ليبرالياً وديمقراطياً، أراد مواصلة تحرير الاقتصاد".
الخلافة السرية
في أغسطس/آب عام 1999، عيَّن يلتسين بوتين رئيساً للوزراء، في إشارة واضحة إلى أن يلتسن كان يُعِدُّ بوتين لتولي السلطة.. وفي ديسمبر/ كانون الأول عام 1999، وقبل عامٍ كاملٍ من الموعد المزمع لتركه منصبه، اتخذ يلتسن قراراً مفاجئاً بالتخلي عن السلطة مبكراً.. واستعاد يوماشيف الواقعة بالقول: "قبل ثلاثة أيام من بداية العام الجديد، استدعى يلتسن بوتين إلى مقر إقامته، وطلب منِّي ومن مدير مكتبه الجديد، ألكسندر فولوشين، البقاء.. وفي حضورنا أخبر يلتسن بوتين عزمه على الاستقالة من منصبه بحلول 31 ديسمبر/ كانون الأول".. وتابع: "لم يعرف بالأمر سوى قلّة: أنا، وفولوشين، وتاتيانا ابنة يلتسن.. لم يبُح يلتسن بالأمر حتى لزوجته".
وعن خطاب استقالة يلتسن الذي أسندت إليه مهمة كتابته، يقول يوماشيف إن "كتابته كان أمراً عسيراً.. كان من الواضح أن نص هذا الخطاب سيبقى محفوظاً في سجل التاريخ.. كان خطاباً هاماً؛ ولذلك زيّلتُه بالعبارة الشهيرة: سامحوني ".. "لقد عانى الروس من الصدمة والتوتر خلال عقد التسعينات، وكان على يلتسين أن يتطرق لذلك".
وفي ليلة رأس السنة عام 1999، سجَّل بوريس يلتسن خطابه التلفزيوني الأخير في الكرملين.. "كان الخطاب بمثابة صدمة لكل الحضور، باستثنائي أنا، الشخص الذي كتب الخطاب.. انفجر الناس في البكاء.. كانت لحظة عاطفية".. ويستطرد يوماشيف: "كان من المهم أن نضمن ألا تتسرب الأخبار.. وكان لايزال أمامنا أربع ساعات قبل الإعلان الرسمي.. لذا، أُغلق الباب على كل من كان في الغرفة، ولم يُسمح لهم بالمغادرة.. أخذت الشريط وتوجهت لمحطة التليفزيون.. بُثَّ الخطاب في منتصف النهار".. وأصبح بوتين القائم بأعمال الرئيس، وبعد ثلاثة أشهر فاز في الانتخابات.
أحد أفراد "الأسرة" ؟
غالبًا ما يُشار إلى فالنتين يوماشيف بوصفه أحد أفراد "الأسرة"، أو الدائرة المقرَّبة ليلتسن، والتي يُقال إنها تمتعت بنفوذ واسع، نهاية التسعينات.. ورغم أن يوماشيف ينكر فكرة "الأسرة" ذات النفوذ الواسع، واصفاً إياها بأنها "خرافة أو اختراع"، إلا أنه ما من شك أنه خلال التسعينيات، ومع تراجع الوضع الصحي ليلتسن، وضع الأخير ثقته، بشكلٍ متزايد، في دائرة ضيقة من العاملين والأقارب والأصدقاء.. ويقول المختص في العلوم السياسية، فاليري سولوفي، إن "بطانة بوتين لا تتمتع بمثل ذلك النفوذ".
ويتابع سولوفي: "يمكن حصر من يعتمد عليهم بوتين في فئتين من البشر: أصدقاء الطفولة مثل الأخوين روتنبرغ، وأولئك الذين خدموا في الكي جي بي أثناء الحقبة السوفييتية".. ويضيف سولوفي: "لكن بوتين لا يبالغ في تقدير ولائهم. يلتسن كان يثق في أفراد أسرته. أما بوتين فلا يثق في أحد".
"لا ندم - الروس يثقون في بوتين"
بوتين في السلطة، كرئيس أو كرئيس للوزراء، منذ 20 عاماً، أسس خلالها نظام حكم يتمحور حوله.. وفي ظل حكمه، استحالت روسيا دولة استبدادية، تكفل قدراً أقل من الحريات والحقوق الديمقراطية.. ويقول سولوفي: "كان يلتسن يؤمن بأن لديه مهمة، وكذلك بوتين".. "لقد رأى يلتسن نفسه موسى الذي أراد إخراج بلده من عبودية الشيوعية".. ويتابع: "مهمة بوتين هي العودة إلى الماضي.. هو يريد الانتقام مما أسماه بأكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين، أو انهيار الاتحاد السوفييتي.. ويؤمن بوتين وبطانته من الضباط السابقين في الكي جي بي بأن تدمير الاتحاد السوفييتي كان من تدبير أجهزة المخابرات الغربية".
ويضيف ستيف روزنبرغبي مراسل "بي سي" في موسكو :" اللافت أن شخصية بوتين اليوم بعيدة كل البعد عن الشخصية الليبرالية الحاضرة في ذاكرة يوماشيف.. فهل يندم رئيس بوتين السابق على منحه وظيفة في الكرملين؟.. أجابني يوماشيف بالقول: "لا أشعر بالندم أبداً.. من الواضح أن الروس مازالوا يثقون في بوتين".. ومع ذلك، يعتقد يوماشيف أن استقالة بوريس يلتسن يجب أن تكون درساً لجميع الرؤساء الروس، مفاده أن "التنحي وإفساح المجال للشباب أمر بالغ الأهمية. بالنسبة ليلتسن كان ذلك أمراً هاماً على نحو لا يمكن تصديقه".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما هي القنبلة الموقوتة التي ورثها دستور روسيا عن الاتحاد السوفيتي؟
قال الرئيس فلاديمير بوتين، إن حق الجمهوريات السوفييتية، في الانسحاب من الاتحاد السوفييتي، كان بمثابة قنبلة موقوتة، وينبغي على روسيا تجنب مثل هذه الأخطاء.. وأضاف بوتين، في مقابلة مع برنامج تلفزيوني، أن الدستور السوفيتي تضمن الطرح اللينيني حول الحق في انفصال الجمهوريات عن الاتحاد.. وقال بوتين، "هذه هي القنبلة الموقوتة التي وضعت العام 1922 أثناء تشكيل الاتحاد السوفييتي".. وشدد بوتين على أن هذه القاعدة تكررت في الدساتير اللاحقة للاتحاد السوفييتي.. وقال: "بالطبع، يجب أن نتجنب مثل هذه الأشياء".. وأضاف الرئيس الروسي: "إنني على قناعة تامة، بأننا نتصرف بشكل صحيح، عندما اعتمدنا التعديلات على الدستور الحالي.. هذه التعديلات ستعزز دولتنا وتهيىء الظروف للتطور التدريجي لبلدنا لعقود قادمة" .



اخترنا لكم