info@assayad.com     +971 2 443 7475     +971 777 55 33
العدد 3907
 - 
الجمعة ١٩ - أبريل - ٢٠٢٤ 
ABU DHABI
ABU DHABI
الجمعة ١٩ - أبريل - ٢٠٢٤  /  العدد 3907
الأرشيف
تابعونا على فيس بوك
تابعونا على تويتر
اقتصاد
6 أيام هزّت اقتصاد العالم
"إيفر غيفن" تخنق قناة السويس المصرية
بعد إعادة تعويم سفينة "إيفر غيفن" في قناة السويس بنجاح، والتي علقت لمدة ستة أيام سدت أحد أهم الممرات الملاحية البحرية في العالم .. عادت حركة الملاحة الدولية إلى سابق عهدها .. لكن آثار ذلك على الاقتصاد العالمي قد تستغرق فترة أطول لتختفي.. في هذه السطور نلقي الضوء على هذه الحادثة التي اثارت اهتمام العالم أجمع وتابع تفاصيلها على الهواء مباشرة حتى تم أنهاؤها.
وذكرت قناة النيل التلفزيونية المصرية المحلية أن 400 سفينة على الأقل كانت تنتظر عبور القناة خلال تلك الفترة من بينها عشرات من سفن الحاويات وسفن البضائع وناقلات النفط وناقلات الغاز الطبيعي المسال.. فيما ذكرت شركة "ميرسك" للشحن أن الاضطرابات في نشاط الشحن العالمي قد يستغرق زوالها أسابيع وربما عدة أشهر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عادت حركة الملاحة مجدداً في قناة السويس مساء الاثنين (29 مارس/ آذار 2021)، بعد تعويم سفينة الحاويات الضخمة "إيفر غيفن"، التي سدت الممر المائي لقرابة أسبوع، بينما كانت تنتظر أكثر من 400 سفينة عبور الممر المائي الحيوي.. وكانت السفينة "إيفر غيفن" قد انحرفت وأغلقت القناة بالعرض في قطاع جنوبي منها إثر رياح قوية، ما أدى إلى توقف حركة الشحن في أقصر طريق للشحن البحري بين أوروبا وآسيا.. وقال مصدر في قناة السويس إن فرق الإنقاذ التابعة لهيئة قناة السويس وأخرى عاملة مع فريق من شركة "سميت سالفج" الهولندية، تمكنت من إعادة تعويم السفينة جزئياً في ساعة مبكرة وضبطت اتجاهها بطول بالقناة.
وقال بيتر بيردوفسكي، الرئيس التنفيذي لشركة بوسكاليس، الشركة الأم لشركة "سميت سالفج": "ضغط الوقت لإتمام هذه العملية كان واضحاً وغير مسبوق"، مضيفاً أنه تم تكريك نحو 30 ألف متر مكعب من الرمال لإعادة تعويم سفينة الحاويات التي تزن 224 ألف طن، وأن 11 قاطرة وقاطرتين بحريتين قويتين استُخدمت لسحب السفينة.
وأكدت شركة "إيفر غرين"، التي تستأجر السفينة "إيفر غيفن"، أنه تم إعادة تعويم السفينة بنجاح ووضعت في بحيرة تقع بين قسمين من القناة لفحصها والتأكد من صلاحيتها للإبحار.. كما أعلنت شركة "برنارد شولته شيب مانجمنت" (بي إس إم)، التي تتولى الإدارة الفنية لسفينة الحاويات، أنه لا توجد تقارير عن حدوث تلوث أو أضرار بالشحنة.
تعطيل التجارة العالمية
ويشار إلى أن نحو 15 في المائة من حركة الشحن العالمية يمر عبر قناة السويس، وهي مصدر أساسي للعملة الصعبة لمصر.. وتوقف حركة الملاحة يكبد القناة خسائر تتراوح بين 14 و15 مليون دولار يومياً.. وزادت أسعار الشحن لناقلات المنتجات النفطية إلى المثلين تقريباً بعد جنوح السفينة، وأثر غلق القناة على سلاسل الإمداد العالمية، ما يهدد بحدوث تأخيرات باهظة التكلفة للشركات التي تعاني أصلاً بسبب قيود "كوفيد-19".. وشركة ميرسك إحدى شركات الشحن التي غيرت مسار شحناتها إلى طريق "رأس الرجاء الصالح" ما يعني زيادة فترة الرحلات حوالي أسبوعين ودفع تكاليف وقود إضافي.
أضرار وتبعات الكارثة
يقول الكاتب إبراهيم محمد من قناة "DW" الألمانية : في الوقت الذي يئن فيه العالم تحت وطأة كورونا، يصيب تعطيل المرور في قناة السويس بسبب جنوح تلك السفينة العملاقة اقتصاد مصر والتجارة العالمية بضربة موجعة.. فما هي الدول الأكثر تضرراً، وهل يقلل الحادث من أهمية القناة لصالح ممرات جديدة..؟
كأنّ مصائب جائحة كورونا لا تكفي مصر والعالم في هذا التوقيت الصعب، حتى تمر سفينة الحاويات "إيفر غيفن" العملاقة لتجنح في قناة السويس وتقطع أحد أهم الممرات المائية للتجارة بين الشرق والغرب.. فكل يوم يتوقف فيه المرور عبر القناة تتكبد مصر خسائر تزيد على 15 مليون دولار كرسوم على مرور السفن عدا التكاليف المترتبة عن توقف أعمال خدمة السفن وأطقمها والأعمال الأخرى التي تساهم في إنعاش المدن المصرية على طول هذا الممر المائي.
وتعد القناة أحد أهم خمسة مصادر مستدامة للدخل القومي المصري من العملات الصعبة بعائدات سنوية وصلت إلى أكثر من 5.6 مليار دولار حلال العام الماضي.. ويمكن القول أن القناة تشكل أحد أبرز القطاعات التي تساعد مصر على تحقيق طموحاتها التنموية ومواجهة أزماتها الاقتصادية لأن عائداتها مستقرة مقارنة بعائدات السياحة والسفر والاستثمار الأجنبي وقطاعات أخرى عرضة للتأثر السريع بالأزمات على غرار أزمة جائحة كورونا.. ويعكس استقرار العائدات كون القناة أحد أهم الممرات المائية العالمية وأكثرها أمانا للسفن والحاويات التي تشكل أهم وسيلة لنقل السلع والبضائع إلى مختلف الأسواق.
أهمية للتجارة العالمية
على ضوء هذه الأهمية، فإن تبعات إغلاق القناة هي أكثر قسوة على التجارة العالمية إذا تذهب التقديرات إلى أن الإغلاق يكلف أسبوعيا من 6 إلى 10 مليارات دولار حسب شركة التأمين الألمانية "اليانس"، كما أنه يضاعف أسعار النقل والتأمين وتكاليف الإنتاج والوقود عدة مرات.. ويدل على ذلك ارتفاع أسعار النفط بنسبة 6 بالمائة بعد أقل من 48 ساعة على حادث جنوح الناقلة.. ويشكل المرور عبر القناة 10 إلى 15 بالمائة من مجمل السلع التي تنقلها الحاويات إلى مختلف أنحاء العالم.. وتضم السلع والبضائع المارة كل ما يخطر على البال من مصادر الطاقة والمواد الأولية والوسيطة والسلع الجاهزة والحيوانات الحية وغيرها.. أما وجهتها الأساسية غرباً فهي أسواق أوروبا وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا.. وعلى صعيد الوجهة شرقاً فإن معظم السلع تتوجه عبر القناة إلى الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية ودول شرق وجنوب آسيا الأخرى.
انقطاع سلاسل التوريد
وانطلاقاً من أن الصين أضحت أهم شريك تجاري لأوروبا بعدما احتلت موقع الولايات المتحدة العام الماضي على هذا الصعيد، فإن ألمانيا توجد في مقدمة الدول المتأثرة والمتضررة من إغلاق القناة.. بالنسبة إلى ألمانيا على سبيل المثال يقدر معهد الاقتصاد العالمي في كيل أن 8 إلى 9 بالمائة من صادراتها ووارداتها تمر عبر القناة.. ويطال الضرر بشكل خاص العلاقات الاقتصادية مع الصين الذي أضحت اهم شريك تجاري لألمانيا.. ويدل على ذلك أن ثلثي البضائع المتبادلة بين الطرفين يتم نقلها عن طريق السفن التي تمر عبر قناة السويس.
وعلى ضوء الخشية من تكرار الحادثة يخشى اتحاد الصناعات الألمانية من انقطاع سلاسل توريد المواد الصناعية والمعدات بشكل يؤدي إلى قلة عرض الكثير من السلع والخدمات التي تعتمد عليها كصناعة الأجهزة الإلكترونية والسيارات ووسائل الإتصال ومعدات الطاقات المتجددة ومواد غذائية.. وقال هولغر لوش نائب المدير التنفيذي للاتحاد أن "السلاسل المتعثرة بين آسيا وأوروبا مهددة بالتوقف التام" مضيفاً أن هذا "يمثل مشكلة خاصة لفروع الصناعة ذات الإنتاج المبرمج مثل صناعة السيارات".
العالم العربي من أبرز المتضررين
العالم العربي سيكون إلى جانب أوروبا وتركيا من أكثر المناطق تضرراً أيضاً لأن الصين أضحت أهم أو أحد أهم الموردين إلى أسواق بلدان شمال أفريقيا وشرق المتوسط بنسب تتراوح بين 10 بالمائة كما في حالة المغرب وما يزيد على 18 بالمائة كما في مصر.. وبالنسبة إلى دول الخليج فإنها تصدر قسماً هاماً من النفط والغاز المسال عبر القناة.. وتذهب التقديرات إلى أن ما بين مليون إلى مليون ونصف برميل نفط يومياً تُشحن يومياً عبرها إلى الأسواق الأوروبية والتركية وأسواق دول أخرى.
غير أن المشكلة الأكبر لهذه الدول في اعتماد أسواقها بنسب تتراوج بين 20 إلى 30 بالمائة على السلع الاستهلاكية التي تستوردها من أوروبا وشمال أمريكا مروراً بقناة السويس.. وفي حال تكررت الأزمة وتم استهلاك مخزون المستودعات، فإن النقص في هذه السلع مسألة لايمكن تجنبها، ما يعني ارتفاع اسعارها وتراجع القوة الشرائية ومستوى معيشة الفئات التي تستهلكها.
بدائل قناة السويس
إلى جانب "رأس الرجاء الصالح" أفادت مصادر عديدة بتوجه عدد من الزبائن إلى نقل بضائعهم من شرق آسيا إلى أوروبا عبر روسيا باستخدام ميناء فلاديفوستوك والخطوط الحديدية الروسية.. وهناك فرص لاستخدام بحر الشمال في النقل بشكل أكثر من ذي قبل مع ارتفاع درجات الحرارة خلال هذه الفترة واستخدام كاسحات جليدية تسهل مرور السفن وناقلات الحاويات.
على ضوء ذلك، فإن على مصر في المستقبل المنظور الأخذ بالحسبان أن تراجع أهمية القناة مسألة وقت، لأن النقل البري عبر بعض ممرات طريق الحرير الجديدة التي يتم العمل على إنجازها في السنوات القليلة القادمة سيكون أقل تكلفة منه عبر قناة السويس. ومما يعنيه ذلك أن هذه الممرات ستفقد قناة السويس الكثير من أهميتها كما حصل من قبل مع طريق رأس الرجاء الصالح الذي أفقدته القناة أهميته بشكل تدريجي بعد إنجازها وتشغيلها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.



اخترنا لكم