من أصلِ أربعِ سنواتٍ وحوالي الشهرين من عمرِ عهدِ الرئيسِ العماد ميشال عون يمكنُ القولُ إن أكثرَ من ثلثِ أيامِ هذا العهدِ ذهبتْ إلى حكوماتِ تصريفِ أعمالٍ.. تصريفُ الأعمالِ عملياً يعني لا قرارات ، لا اجتماعات، لا خططَ، لا شيء.
وزراءٌ يقبضونَ رواتبهم ولا يقومونَ بشيءٍ سوى تصريفِ أعمال..
اليومَ ما دامَ تصريفُ الأعمالِ كما يبدو، وبانتظارِ زيارةِ ماكرون، قد يطول.. ستستمرُ البلادُ "مُدارةً" بالصُّدفةِ.
هذه الصُدفةُ التي تركتْ بالإهمالِ والفوضى مدينة تُدمَّرُ وهذه الصدفةُ التي ستتركُ أمورَ الدعمِ أو عدمهِ تنتظرُ أيَّ حكومةٍ مقبلةٍ،
وبالتالي عذابُ الشعبِ يطولُ.. هذه الصدفةُ التي ستتركُ الناسَ من دونِ خططٍ للكهرباءِ التي ستتراجعُ إلى أربعِ ساعاتِ تغذيةٍ كما يُقالُ مع أولِ العامِ .
- من دونِ خططٍ للنفاياتِ التي ستغمرُ الطرقاتِ من جديدٍ طالما أن المطامرَ لن تستوعبَ بعدما استنفدت قدرتها منذ أشهرٍ،
- هذه الصدفةُ التي ستتركُ الناسَ من دونِ خططٍ لمواجهةِ ازمةِ ارتفاعِ الدولار وغيابِه وغياب الليرةِ اللبنانيةِ مع التضخّمِ الذي أصابها، من دونِ خططٍ لمواجهةِ ما يعيشهُ الناسُ في المصارفِ مع ودائعهم ومع أحلامهم ومشاريعهم للمستقبل.
هذه الصدفةُ التي ستتركُ الناسَ من دون إنترنت قريباً مع غيابِ الدولار ومع نداءاتِ الاستغاثةِ التي يُطلقها مسؤولو الاتصالات لغيابِ قطعِ الغيارِ ولارتفاعِ الأسعارِ.
***
هذه أمثلةٌ، ونماذجُ عمّا ينتظرُ الشعبَ المقهورَ.
ولكنَ الشعبَ المقاومَ والمتمرِّدَ والثائرَ في الوقتِ نفسهِ.. بحسرةٍ تابع المواطنون المسؤولين الذين يديرونَ بالصدفةِ شؤونهم يتمترسونَ طائفياً ومذهبياً على خلفيةِ صدورِ قرارٍ عن المحققِ العدليِّ في ملف المرفأ.. وصلَ الأمرُ إلى الكلامِ عن خرْقٍ للدستورِ وعن ابتزازِ مقامِ رئاسةِ الحكومةِ.
شعرنا للحظةٍ وكأن حرباً في الأفقِ.. صحيحٌ ان المحقق العدليَّ نُقلَ عنهُ ان هناكَ لائحةَ استدعاءاتٍ طويلةً وبغضِ النظرِ عن الجدلِ القانوني والقضائي حول ملاحقةِ رئيسِ الحكومةِ والوزراءِ .
لكن ما يدعو للقلقِ هو هذا التناقضُ بين الداعينَ للتغييرِ ولدولةِ القانونِ ولاقتراحِ استقلاليةِ القضاءِ وبين ما سمعناهُ منهم وعلى أفواههم... ثمّة تناقضاتٌ كبيرةٌ بين الاقوالِ والافعالِ تجعلُ الناسَ في حالِ ضياعٍ ولا تعرفُ الى ايِّ صفٍ تنتمي..
***
الأكثرُ إيلاماً هو وضعُ أهالي الشهداءِ والضحايا والجرحى الذينَ وهم يتلقفونَ أخبارَ القراراتِ القضائيةِ يتساءلون:
هل هذه هي الحقيقةُ أم كلها أو جزءٌ منها أم الحقيقةُ المزوّرةُ؟ وهل ثمةَ نيةٍ لتجهيلِ الفاعلِ..
وسطَ كل هذهِ الأسئلةِ،ووسطَ تدافعِ ملفاتِ الفسادِ من هنا وهناك بسحرِ ساحرٍ.. كيفَ سيتعاملُ الرئيسُ المستقيلُ حسان دياب مع قرارِ استجوابهِ كمدعى عليه؟
***
هل سيستقبلُ المحققُ العدليُّ؟ وماذا عن النائبين المحاميين وحصانتيهما في مجلس النواب ونقابةِ المحامين .. ؟ وهل سيفتحُ الأسبوعُ بسلةِ ادّعاءاتٍ جديدةٍ..
يبدو طويلاً هذا الأسبوعُ وقاسياً من القضاءِ إلى محاولاتِ تشكيلِ الحكومةِ التي من المفترضَ أن يردَّ فيها الحريري على طرحِ الرئيس عون.. في انتظارِ حضورِ ماكرون..
تبدو هدايا الأعيادِ مفخخةً قبل أيامٍ من حلولِ الأعياد.. ولكن هل هناكَ فرحةٌ يعيشها الناسُ؟
هناكَ نغصاتٌ في القلبِ ودموعٌ في العينِ.
مَنْ يسألُ عن شعبي؟