info@assayad.com     +971 2 443 7475     +971 777 55 33
العدد 3907
 - 
الثلاثاء ١٦ - أبريل - ٢٠٢٤ 
ABU DHABI
ABU DHABI
الثلاثاء ١٦ - أبريل - ٢٠٢٤  /  العدد 3907
الأرشيف
تابعونا على فيس بوك
تابعونا على تويتر
فن ومشاهير
الرئيس الفرنسي منحه وسام "الضابط الكبير" أمين معلوف.. أرزة لبنانية أغصانها في أوروبا
قلد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الروائي والكاتب اللبناني الفرنسي الشهير أمين معلوف وسام الاستحقاق الوطني خلال حفل أقيم بقصر الإليزيه.. وذلك تقديراً لعطائه وجهوده وإنجازاته في عالم الآداب.. ورُفع أمين معلوف البالغ من العمر 71 عاماً إلى درجة "الضابط الكبير" وهي ثاني أعلى درجة في الجدارة بعد مركز الصليب الكبير، وعلى وقع تصفيق حار، علق ماكرون الوسام على صدر معلوف وهو عبارة عن نجمة بست زوايا تشبه الصليب المالطي مرقطة باللون الأزرق ومعلقة في إكليل فضي.
وقد احتفى اللبنانيون بفيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ويظهر فيه معلوف مكرماً من قبل ماكرون حيث علق سياسيون وصحفيون وناشطون على أهمية تكريم الإبداع اللبناني.

يحاول الأديب اللبناني الكبير أمين معلوف، الذي يكتب باللغة الفرنسية وتُرجمت أعماله إلى 40 لغة على الأقل، تحليل المصادمات بين الشرق والغرب في أعماله.. من أشهرها رواية "ليو لو أفريكان، ليو الإفريقي" التي صدرت في العام 1986 وكتبت على شكل مذكرات وكذلك رواية "سمرقند" في العام 1988 التي رصدت حياة الشاعر الفارسي عمر الخيام ومجموعته الشهيرة من الشعر "الرباعيات" في بلاد الفرس في القرن الحادي عشر وكتاب "صخرة طانيوس التي تحصلت على جائزة غونكورت الفرنسية.
عائلة أدبية
أبصر أمين معلوف النور في حي بدارو في 25 فبراير/ شباط 1949 في العاصمة اللبنانية وتعلم في مدارسها حاصلاً على شهادة في علم الاجتماع في جامعة القديس يوسف الفرنكوفونية في بيروت.. وهو ينتمي لعائلة معلوف التي كان لها باع طويل في الشعر والأدب العربيين، فأحد أعمامه ترجم أعمال موليير إلى العربية، أما فوزي معلوف فهو من أبرز شعراء المهجر ويلقب بـ"رامبو العربي" أما والده فكان مذيعاً وشاعراً وكان يقدم برنامجاً إذاعياً عن الموسيقى الكلاسيكية الغربية وكان صاحب صحيفة وكتب مقالات عن الديمقراطية البرلمانية.
عام 1971 تزوج أمين معلوف من أندريه معلوف التي كانت تعمل مدرسة للصم والبكم في بيروت، وقال عنها زوجها إنها كانت أول قارئة لكتاباته وكانت قاسية جداً في تقييمها لما كان يكتبه، وأنجبا ثلاثة أبناء في بيروت قبيل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975.
في سن الثانية والعشرين بدأ العمل في جريدة النهار اللبنانية التي كان يملكها غسان تويني، أحد أعمدة السياسة والفكر في لبنان، وبدأ بالترحال حول العالم لتغطية الأخبار العالمية فزار 60 بلداً، وأجرى مقابلة مع رئيس وزراء الهند الراحلة، أنديرا غاندي، كما كان شاهداً على الإطاحة بحكم إمبراطور إثيوبيا، هيلا سيلاسي، على يد مانفستو هايلا مريام عام 1974 وسقوط سايغون على يد الثوار الفييتاميين الشماليين عام 1975.
الهروب من الحرب المجنونة
بغية تفادي الانجرار إلى الحرب المجنونة التي اجتاحت البلد ولكي لا يصبح طرفاً فيها استقل الروائي سفينة أقلته إلى جزيرة قبرص وبعدها رحل إلى العاصمة الفرنسية باريس، وبعدها شهرين لحقت به زوجته وأطفاله الثلاثة، عمل في البداية في مجلة "جون أفريك" وبدأ يكتب أول مرة في حياته باللغة الفرنسية وأصبح لاحقاً رئيس تحرير المجلة.. وخلال عامي 1979 و1982 كان مدير طبعة جريدة النهار الأسبوعية التي كانت تصدر في باريس قبل أن يعود إلى "جون افريك".
وقد أصدر معلوف كتابه الأول بالفرنسية "الحروب الصليبية كما رآها العرب" عام 1983 وظل هذا الكتاب الذي ترجم الى معظم اللغات الأوروبية يلقى الرواج لمدة عشرين عاماً ولم تتراجع مبيعاته خلال كل تلك المدة.
شغف الكتابة
يقول معلوف إنه كان شغوفاً منذ البداية بالكتابة الروائية، فعلاقته مع الواقع الذي يعيشه مضطربة، "أنا شخص حالم دائماً وأحاول الهروب باستمرار من الواقع".. ويضيف :" لا أشعر بالانسجام مع العصر والمجتمع اللذين أعيش فيهما".. وفي عام 1986 صدرت أولى رواياته "ليون الافريقي" التي تتناول السيرة الحقيقة للرحالة الحسن الوزان الذي فر من الأندلس بعد سقوط غرناطة إلى فاس وحج الى مكة وبعدها تحول الى المسيحية.
وكان عمله الثاني رواية "سمرقند" عام 1988 التي تناولت سيرة الشاعر الفارسي، عمر الخيام، صاحب رباعيات الخيام، أما رواية "حدائق النور" عام 1991 فهي عن حياة مؤسس الديانة المانوية في بلاد فارس ماني الذي عاش في القرن الثالث الميلادي.. كما ألّف معلوف روايتين تستعيدان الماضي القريب للبنان وللمنطقة، هما "صخرة طانيوس" عام 1993 التي نال عنها جائزة "غونكور" كبرى الجوائز الأدبية الفرنسية و(موانئ الشرق) عام 1996، أما كتابه "الهويات القاتلة" فصدرت عام 1998 تلتها رواية "رحلة بالداسار" 2000، وصدرت له رواية معاصرة الأجواء والشخصيات وتتناول فترة الحرب الأهلية (التّائهون)، وأصدر أيضاً كتاب (البدايات) عام 2004، وهو سيرة ذاتية تستعيد تاريخ عائلته.
أدب قائم على الترحال
يلاحظ في أعمال أمين معلوف أنه يؤسس لعالم أدبي قائم على الترحال وعلى تعدد الهوية أو التعدد الثقافي لا بمعنى نكران الوطن الأم أو الثقافة الأصلية بل بمعنى الحق في مواطنية عالمية وإنسانية متسعة تشمل أكثر من لسان وأكثر من ثقافة وأكثر من ارتباط جمالي وفكري وثقافي.. وهذا كله ينعكس في حياة الشخوص أغلبهم يتكلمون عدة لغات ويحذقون أكثر من فن وتتعدد مواطن إقامتهم تبعاً للانقلابات التاريخية وتعاقب المآسي والهجرات.. شخوص عديدة تقع ضحايا الأحداث لكنها تتفنن في إعادة ابتكار مصائرها اعتماداً على مواهبها وإيمانها بحصة الإنسانية العالية التي هي فيها.. وفي أغلب هذه الأعمال نشهد حضور عبارين حقيقيين أي موصلين بين الثقافات وبناة جسور بين شتى أشطار الإنسانية.
وفي محاوراته يعود معلوف إلى تاريخ العائلة والبلاد والمنطقة هذا ليسلط عليه إضاءات قوية ويغنيه بتأملاته.. ومن هذه المحاورات نعلم مثلا أنه نشأ في حارة "رأس بيروت" في العاصمة اللبنانية حارة مختلطة كان أترابه فيها مسيحيين ومسلمين لبنانيين وفلسطينيين ومصريين.. وإلى جانب العربية لغته الأم انفتح عبر الاختيارات الثقافية لأبيه وهو أيضا صحافي وأديب على اللغة الإنجليزية وعبر اختيارات أمه انفتح على الفرنسية.
هذه النشأة وما تبعها من قراءات وخيارات شخصية وتجارب حية جعل معلوف يعتبر الهوية الواحدة المكتفية بذاتها والمتطلعة إلى الهويات أو الثقافات الأخرى بتعال أو خوف وبانغلاق نوعا من الحبس والتضييق للأفق الجمعي وإفقاراً للحياة.

وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي
تم ابتكار هذا الوسام الشرفي عام 1963 لمكافئة أصحاب "الجدارة والتميز" وأولئك الذين "يمثلون الروح المدنية لفرنسا" في كل عام، يمكن أن يحصل 5000 شخص على الوسام كحد أقصى.. والوسام عبارة عن نجمة بستة زوايا تشبهة الصليب المالطي مرقطة باللون الأزرق معلقة في إكليل فضي.
ومن بين الشخصيات البارزة التي تحصلت على هذا الوسام، المغني الفرنسي الأرميني شارلز أزنافور والممثل الفرنسي جيرارد ديبارديو والممثلة الفرنسية إيزابيل هوبر وضابط البحرية الفرنسية جاك كوستو.. بالإضافة إلى شخصيات غير فرنسية أمثال الملحن والموسيقي الإيراني محمد رضا شجريان والممثل المسرحي الهندي سيفاجي غانيسان وكاميلا دوقة كورنوول وغيرهم.

جائزة الشيخ زايد للكتاب تختار أمين معلوف شخصية العام الثقافية عام 2016
في عام 2016 أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب قرار الهيئة العلمية ومجلس أمنائها منح لقب شخصية العام الثقافية في دورتها العاشرة للكاتب اللبناني باللغة الفرنسية أمين معلوف تقديراً لتجربة روائي حمل عبر الفرنسية إلى العالم كله محطات أساسية من تاريخ العرب وتاريخ أهل الشرق بعامة وسلط أضواء كاشفة على شخصيات نذرت نفسها لإشاعة الوئام والحوار الثقافي بين الشرق والغرب وأعاد خلق تجارب فذة ومغامرات مؤثرة وتميز في هذا كله بأسلوب أدبي يجمع مفاتن السرد العربي إلى بعض منجزات الحداثة الغربية في الكتابة الروائية وكتابة البحث الفكري.. وحصل الكاتب أمين معلوف على "ميدالية ذهبية" تحمل شعار جائزة الشيخ زايد للكتاب وشهادة تقدير بالإضافة إلى مبلغ مليون درهم .



اخترنا لكم