info@assayad.com     +971 2 443 7475     +971 777 55 33
العدد 3907
 - 
الأربعاء ٢٤ - أبريل - ٢٠٢٤ 
ABU DHABI
ABU DHABI
الأربعاء ٢٤ - أبريل - ٢٠٢٤  /  العدد 3907
الأرشيف
تابعونا على فيس بوك
تابعونا على تويتر
الإمارات
الشيخ زايد "حكيم العرب"
في قلوب محبيك .. وعلى نهجك سائرون
التاسع عشر من رمضان 1425 هـ، يوم رحيل فارس العرب وحكيم الأمة، يوم لن ينساه الإماراتيون والعرب، يوم بكته عيون الملايين، إنه المغفور له باذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
القائد المؤسس، رفيق السيف وصديق البحر والصحراء، وفارس القصيدة.. فارس جعل من أعماله بيَارق عزٍ ورايات مجد.. تعلم من بحور الشعر وقوافيه، كيف يحول صمت الصحاري وسكون الرمال إلى صخب الإنجاز وزخم الإنطلاق.. فأجاد فن تحويل حبات الرمال إلى خضرة وحياة وأمل وغدٍ مشرق باسم.
غابت شمس عربية مستنيرة، أضاءت أفقنا وحياتنا العربية، حكمة وشجاعة وروحاً وثَابة ونفساً خلاقة وفكراً واعياً.. فعلى مدى عقود مضت، وجد العرب في الشيخ زايد- طيب الله ثراه- نعم السند والمعين في المحن والملمات.. حمل هموم العرب والمسلمين على عاتقه، وقارب المتخاصمين، ووفّق بين الفرقاء بحكمته النادرة ورؤيته الشاملة وبصيرته الثاقبة التي ألّف بها قلوب الأشقاء.


يحفل تاريخ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" بالعديد من المواقف الخالدة التي حولته إلى رمز للحكمة والخير والعطاء على كافة المستويات المحلية والعربية والدولية، حيث لا تزال مواقفه ومبادراته شاهدة على مكانته كقائد عصري يحظى بتقدير شعوب ودول المنطقة والعالم.
وقد عُرف مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الملقب بـ "حكيم العرب"، بسعة الصدر ونفاذ البصيرة والعدل، ما جعله أكثر القادة العرب حكمة فيما يتعلق بالأمور الداخلية والخارجية لدولة الإمارات وللقضايا العربية والعالمية، إذ كان له العديد من المواقف الثابتة والحكيمة التي خلدها التاريخ، كما كان حريصاً كل الحرص على جمع القادة العرب وشعوبهم على طاولة واحدة، وجعلهم صفاً واحداً في وجه الظروف الصعبة والمصيرية.
"حكيم العرب"
كانت مواقف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، سبب في تسميته "حكيم العرب"، فدائماً ما اتسمت مواقفه بالوضوح والثبات والعزم، خاصة عندما كان يتعلق الأمر بأمور الوطن الداخلية وبالقضايا العربية، وأهمها القضية الفلسطينية وتحرير الكويت وغيرها الكثير، بالإضافة إلى حرصه على ثبات التضامن العربي ووحدته إيماناً منه بأنه السبيل الوحيد لمواجهة جميع التحديات والمخاطر التي تواجه الوطن العربي.
الانسجام الداخلي
أدرك المغفور له الشيخ زايد، منذ بداية حكمه لدولة الإمارات عام 1971، أنه من أجل تعزيز الانسجام الداخلي والتماسك والتلاحم الوطني بين أبناء شعبه عليه تعزيز الثقة وبنائها معهم، من خلال التفاعل الشخصي مع كافة المواطنين، إذ عرف الشيخ زايد بعلاقته الوثيقة وقربه من شعبه، وحرص على عقد لقاءات واجتماعات تجمعه بهم.. ومن أبرز الخطوات التي اتخذها هو توجيهه الدائم للحكومة بضرورة بناء وتعزيز قدرات الدولة في مجال الصحة والتعليم والعدالة والرعاية الاجتماعية، وتوفير الفرص لجميع مواطني الدولة من أجل أن يكون لهم دوراً فعّالاً في نجاح الأمة، إذ لا تزال هذه السياسة واضحة في الدولة حتى هذا اليوم.
المستوى الخارجي
على المستوى الخارجي، اشتهر الشيخ زايد، بوضعه لأسس سياسة خارجية متميزة تتسم بالحكمة والاعتدال، والتوازن، ومناصرة الحق والعدالة، وترسيخ لغة الحوار والتفاهم في معالجة كافة القضايا، مما جعله يحظى بمكانة رفيعة المستوى عند جميع القادة العرب، كما أنه قام بدور الوسيط بين الدول العربية في أكثر من مناسبة لحكمته وفطنته وحرصه على المصلحة العربية وعزمه على المحافظة على التضامن العربي.. ومن أبرز مواقف الشيخ زايد التي أكدت حكمته وعدله ومناصرته الحق والعدالة، حين ترأس الشيخ زايد 1991 اجتماعاً للمجلس الأعلى، أكد خلاله حرص الإمارات ووقوفها إلى جانب الأشقاء في الكويت في مرحلة التعمير، كما كان موقفها المبدئي في مرحلة التحرير.
الدم العربي
ومن أشهر أقوال الشيخ زايد المأثورة المخلدة في التاريخ العربي إلى يومنا هذا قوله: "النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي"، التي عكست موقف الإمارات الداعم لمصر وسورية خلال حرب أكتوبر(تشرين الأول) عام 1973، ولم يتوقف الدعم الإماراتي الذي قدمه الشيخ زايد خلال حرب أكتوبر على الجانب الاقتصادي أو البترول فقط، بل قام أيضاً بإرسال ولي عهده وابنه الأكبر رئيس دولة الإمارات الحالي الشيخ خليفة بن زايد ليشارك في المعارك مع الجنود المصريين على الجبهة.
وفي عام 1974 كذلك، أكد الشيخ زايد استعداد دولة الإمارات لتقديم الدعم المادي والمعنوي لدول المواجهة من أجل استرداد الحقوق العربية المغتصبة وتحرير الأراضي العربية المحتلة، وفي عام 1975 دعا الدول العربية للتضامن والالتحام مع الإمارات لتتمكن من تحقيق وحدة المنطقة والتصدي للتهديدات التي تتعرض لها الأقطار العربية المنتجة للبترول.
المستوى الإنساني
إنسانياً، عرف الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، بكرمه الذي انعكس بحرصه على أن يصل لكل محتاج أينما كان حول العالم دون تردد أو تأخير، مما أكسبه سمعة دولية مشرفة في العمل الإنساني والخيري، حيث زخر تاريخ الدولة بالعديد من المواقف التي سعت من خلالها الدولة إلى مساعدة أي شخص بغض النظر عن اختلاف الأديان، وحرصت الدولة على تقديم المساعدات المادية والعينية والمستلزمات للشعوب المتضررة من الكوارث الطبيعية والحروب.
ومن أعمال مؤسس الدولة الإنسانية وأبرزها، تبرعه عام 1992 باسم دولة الإمارات، بخمسة ملايين دولار لصندوق إغاثة الكوارث الأميركي لمساعدة منكوبي وضحايا إعصار "أندرو" الذي ضرب ولاية فلوريدا الأميركية، وأمر بالإضافة إلى ذلك بإرسال طائرة إغاثية إلى اليونان لمساعدة المتضررين من الزلزال، كما قدم مساعدة عاجلة لمنكوبي الزلزال الذي ضرب غواتيمالا.
العلاقات الدولية
وكان من المعروف عن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إيمانه التام بأن العلاقات الدولية يجب أن تبنى على أسس التعاون والاحترام المتبادل بين جميع الدول، لثقته بأن الحوار هو وسيلة وحيدة لحل جميع القضايا والمشاكل بعيداً عن الحروب، مما جعله من أشهر القادة العرب عالمياً بفكره وحكمته التي حاز بسببها العديد من الجوائز والتقديرات العالمية لما قدمه للعالم العربي والدولي طيلة فترة حكمه.
ونال مؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تقديراً من دول العامل لحكمته وفطنته ومساعداته الإنسانية، عشرات الجوائز والشهادات العالمية، ففي عام 1989 حصل الشيخ زايد على شهادة وميدالية خاصة بلقب "رجل عام 1988، وذلك تقديراً لمواقفه تجاه مختلف القضايا العربية والإسلامية والدولية، كما حصل في عام 1998 على جائزة "داعية البيئة" من منظمة المدن العربية، تقديراً لجهوده في مجال الحفاظ على البيئة وإسهاماته في التشجير وإقامة المحميات الطبيعية.
قيم التسامح والتعايش
ثمنت المنظمات الدولية والعربية دور الشيخ زايد في نشر قيم التسامح والتعايش، حيث منحت المنظمة الدولية للأجانب في جنيف الشيخ زايد عام 1985 "الوثيقة الذهبية"، باعتباره أهم شخصية للعام 1985، لدوره البارز في مساعدة المغتربين في دولة الإمارات، وخارجها في المجالات الإنسانية والحضارية والمالية، كما قامت هيئة "رجل العام في باريس اختارته باختياره ليحمل لقب "رجل العام 1988"، تقديراً لقيادته الحكيمة.. وفي عام 1995 تم اختيار مؤسس دولة الإمارات ليكون "الشخصية الإنمائية لعام 1995" على مستوى العالم، وذلك وفقاً للاستطلاع الذي أجراه مركز الشرق الأوسط للبحوث ودراسات الإعلامية، بمشاركة نصف مليون شخص، كما أهدت منظمة العمل العربية الشيخ زايد عام 1996 درع العمل للشيخ زايد لدعمه العمل العربي المشترك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زايد بن سلطان .. القائد المؤسس
* ولد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، في مدينة العين عام 1918، حيث كانت تعد أكبر المجمعات الحضرية في إمارة أبوظبي في تلك الفترة.. وهو ابن الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان الذي حكم أبوظبي بين عامي 1922 وحتى وفاته عام 1926، وسمي تيمناً بجده الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان (زايد الأول) الذي حكم الإمارة من عام 1855 وحتى عام 1909.
* خلال طفولته، تلقى الشيخ زايد مبادئ العلوم والمعارف على يد عالم دين والذي كان يسمى آنذاك "المطوع"، فحفظ القرآن الكريم وتعلم أصول الدين.. وقد كان لنشأته في مدينة العين ومحيطها الصحراوي القاسي أثر واضح في تكوين شخصيته؛ إذ كان يتسم بسعة الصدر ونفاذ البصيرة وطول البال والحكمة، ولذلك لقب بـ "حكيم العرب".
* تولى الشيخ زايد، منصب ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية عام 1946، حيث انخرط بشكل مباشر بالشؤون الحكومية وبدأ يمارس تجربته في الحكم من مدينة العين.. وخلال عامين تحول إلى شخصية نافذة وقوية في المنطقة تتميز بالحزم والإرادة والتصميم، كما برز كمستمع ومصلح ووسيط في حل النزاعات، وهي الصفة التي لازمته طوال فترة حكمه، ليصبح لاحقاً خير من يساهم في حل الخلافات إقليمياً وعربياً ودولياً.
* بعد نجاحه في إطلاق عجلة تطوير مدينة العين في الخمسينات بالرغم من قلة الموارد.. تولى الشيخ زايد حكم إمارة أبوظبي في أغسطس عام 1966، ووضعها على طريق النمو المستدام والتنمية حيث يضرب بها وبدولة الإمارات المثل اليوم في المنطقة كلّها.
* في عام 1971، قاد المغفور له الشيخ زايد، بالتعاون مع المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم إمارة دبي آنذاك، جهود تأسيس دولة الاتحاد التي رأت النور في ديسمبر عام 1971 في ظل ظروف صعبة للغاية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زايد.. رجل السلام
عرف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" بحبه للسلام ونبذه الفرقة والخلافات وكان نهجه في حل الخلافات قائماً دائماً على مبدأ تحكيم لغة الحوار والعقل وكانت له مواقف مشرفة لحقن الدماء في الوطن العربي والعالم.
وضرب "رحمه الله" المثل والقدوة في الحاكم الإنسان فقد أسس مجتمع دولة الإمارات على المساواة والعدالة الاجتماعية ورسخ قيم الانتماء في نفوس أبنائه ومتن أواصر الوحدة بينهم فحصد حبا وترابطا وإخلاصا في البناء..
أما على الصعيد الخارجي فقد دعا لنشر السلام في كل مكان ومد يد الصداقة واعتمد على تقريب وجهات نظر الفرقاء باتباع الحوار الهادئ الإيجابي الذي يحقق مصلحة الشعب أولاً كما مد جسور التعاون مع دول العالم والتي تحقق المصلحة المشتركة بالإضافة إلى أنه هب أكثر من مرة لنجدة شعب ملهوف بحاجة للمساعدة.. ولا ننسى إسهاماته الثقافية والأكاديمية بالكراسي المنتشرة في جامعات كثيرة حول العالم ولا جهوده المضنية في مجال صون البيئة وغير ذلك الكثير مما أكسبه الاحترام والتقدير وجعله رمزا للسلام والمحبة والحكمة.
الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان أحد أبرز رجالات السلام بالعالم نتيجة مسيرة عقود تكللت فيها الجهود الاماراتية بالنجاح وجعلت الدولة محط انظار الجميع وقبلة الباحثين عن الحوار وملاذ المكتوين بنيران الحروب.
أخذ المؤسس الراحل بأيدي مواطنيه إلى مصاف الأمم فاستطاع أن يجمع بين المواطنة الإماراتية والعربية الشمولية والإنسانية السامية كما استطاع على مدى قرابة نصف قرن أن ينتج ثقافة فريدة رسخها في عقول شعبه ومواطنيه بأن الخلاص في السلم ولا حل أفضل منه في هذا العالم.. فاسس بذلك النهج علاقات مع المتناقضين في آن واحد بحيث استطاع أن يقف على مسافة واحدة من كليهما فتواصل مع الكل رافضا أن تتخندق الإمارات خلف تحزبات تولد هنا أو تحالفات أسست هناك.
وكان السلام دائماً قيمة عليا لدى المؤسس الراحل وشكل محور السياسات الإماراتية على المستويات المختلفة خليجياً وإقليمياً ودولياً وهو ما ظل يؤكد عليه دوما وبرهنت عليه سياسة الدولة وموقفها الداعم لكافة الحقوق المشروعة للشعوب ودفاعها عن ثوابت السلام الدولي وهو ما يمكن استخلاصه من خطابه"رحمه الله" وهو يحدد ملامح المستقبل: "إننا نتطلع إلى غد مشرق؛ دعامته القوة، وسنده الحق، ومضمونه التكاتف والتآزر، وأساسه الأخوة والتضامن والعدل، وشعاره فعل الخير وتحقيق السلام".
والأهم ان كل من على المعمورة من أقصاها إلى أدناها يستذكر أن الشيخ زايد أوجد توازناً سياسياً محسوباً بميزان حساس عكس حنكة سياسية فريدة خلال مسيرة مباركة امتدت لما يزيد على نصف قرن أثبتت أيامها وتجاربها حرصاً حثيثاً على السلام في أحلك المواقف التي مرت بها المنطقة طوال فترة هي الأصعب.. أحداث جسام مرت على المنطقة أثبتت مواقف الإمارات إزائها الواحدة تلو الأخرى الإيمان السامي بالسلام واعتبار الحوار اللغة الرسمية والبديل الأوحد لإدارة الازمات وإطفاء الحرائق وتبريد بؤرها الساخنة.
وبنظرة عامة واقعية يتأكد لنا أن شخصية الشيخ زايد فرضت نفسها بقوة على الساحتين العربية والدولية لتأثيره وحرصه الشديد على السلام العالمي ودوره في إقراره في المنطقة.. وهو القائل: "إننا نسعى إلى السلام ونحترم حق الجوار، ونرعى الصديق، لكن حاجتنا إلى جيش قوي قادر على حماية الوطن تبقى قائمة ومستمرة، ونحن نبني الجيش لا عن رغبة في غزو، وإنما للدفاع عن أنفسنا".
كان الشيخ زايد قائدا بارزا يحترمه جميع قادة العالم ويقدرون خدماته الجليلة وعمله الدؤوب من أجل دعم الاستقرار والرخاء في الإمارات ودول المنطقة وان جميع دول العالم تنظر إلى تجربة الإمارات الوحدوية كنموذج مشرف للوحدة في المنطقة والعالم.
كان الشيخ زايد السياسي المحنك الذي لا يبارى.. رأب صدع الأمة العربية وعضد أشقاءه فصار حكيم العرب والرجل الاستثنائي لكل المواقف.. وشكلت دائما القضايا العربية محوراً رئيساً في مبادئ الشيخ زايد "رحمه الله" ولا تزال الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" تسير على نفس النهج ويرتبط ذلك المحور بالمشروع الوطني لبناء الدولة الذي يرتكز على أسس ومنطلقات قومية في بناء الدولة الوطنية التي تأخذ في الاعتبار ثوابت وحدة المنطلقات السياسية والاقتصادية والفكرية التي تفضي إلى وحدة المنظومة المجتمعية ضمن المشروع القومي العربي الشامل.
لم يتردد يوماً عن دعوة العرب إلى التصالح والتآزر واصلاح ذات البين وصيانة العمل العربي المشترك بقوله إن صاحب البيت أو السفينة يحتاج إلى الصيانة ولابد من صيانة الجسد العربي في مواجهة التحديات وكم كانت سعادة الفقيد الراحل غامرة حين تقرر في عام 2000 عقد القمة العربية بصفة دورية قائلا: "ان لقاء القادة العرب خير من تباعدهم وتفرقهم".
نبذ المؤسس الراحل أشكال التعصب والكراهية والإرهاب ورفض بشدة ربط الإرهاب بالإسلام وقال في كلمته في الأول من ديسمبر 2003 بمناسبة اليوم الوطني الثاني والثلاثين.." إننا نؤكد أن لا الشرائع السماوية ولا القانون الدولي ولا شرعية حقوق الإنسان تعطي أي مبرر لممارسة الإرهاب وأن أية محاولة لاستخدام الدِّين لتبرير هذه الأعمال محاولة خاطئة من أساسها لأنها تنافي كل الأسس والمبادئ والقيم والتعاليم الدينية والإنسانية ".. وأضاف " إننا نرفض بكل شدة الدعوة إلى الكراهية والعنف ونشر الفرقة بين شعوب العالم وسنواصل طريقنا في دولة الإمارات للمحافظة على مجتمعنا المتجانس والموّحد المتمسك بقيمه وتراثه والمنفتح على العالم والمتفاعل مع ثقافاته وإبداعاته".
كان الشيخ زايد يؤكد دائماً أن دين الإسلام هو دِين المحبة والغفران والتسامح والرأفة وأن المسلم لا يجوز أن يقتل أخاه مسلماً كان أو غير مسلم.. ووفق منهجه الثابت والعادل دعت دولة الإمارات في كل المحافل الدولية إلى ضرورة نزع أسلحة الدمار الشامل من أجل ضمان سلامة واستقرار البشرية.
وها هي قوافل الإماراتيين تجوب المعمورة للتعريف بهذه المدرسة الفريدة في هذا الزمن.. فعززت هذه الانطلاقات الوجود الإماراتي في مختلف الأقاليم والبلدان فصار يمشي وهو واثق الخطى ويهرول وهو مرفوع الهامة ويحلق كحمامة سلام وسط هذه الأجواء المشحونة والتي تعج بالأزمات والحروب.. إنهم تلامذة تتلمذوا علي يد مؤسس ومعلم فذ..
إنه الشيخ زايد.. رمز السلام..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زايد وقضايا الأمة
طوال حياته كان حكيم الأمة الداعي نحو لم شمل الأمة العربية الممزقة والتي تتطاحنها الحروب وتتنازعها الأزمات والحوادث فلا تشتعل نيران فتنة جديدة حتى يخرج الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان داعياً إلى إنهائها بالطرق السلمية بدلاً من اللجوء إلى لغة القوة والعنف والتي توسع الخلاف وتزيد من هوة الشقاق ولسموه المواقف المشهودة في دعم الوحدة العربية وذلك من خلال دعوته لاتحاد الإمارات السبع لتتشكل دولة جديدة هي دولة الإمارات العربية المتحدة ومن ثم دعى سموه إلى تعاون خليجي يكون ثمرة لاتحاد جديد ليتشكل مجلس التعاون الخليجي وتستضيف أبوظبي القمة الأولى فيه ومن ثم كان للإمارات دور فاعل ونشط في جامعة الدول العربية وساهمت في إقامة العديد من المشاريع التنموية والاقتصادية في الكثير من الدول العربية مثل ترعة الشيخ زايد في مصر وبناء سد مأرب في اليمن وبناء مدينة الشيخ زايد في غزة وغيرها كثير.
ولا يخفى على أحد الدور الذي لعبته الإمارات لتعميق الروابط بين مختلف الدول العربية، حيث سارعت الإمارات أولاً إلى حل مشاكلها الحدودية مع باقي جيرانها وبالطرق السلمية ومن ثم أطلقت المبادرات نحو حل أمثال هذه النزاعات بين باقي الدول العربية مما كان له كبير الأثر في زرع الأمن والاستقرار في المنطقة العربية.
ويذكر التاريخ بالفخر والاعتزاز الموقف الشجاع لصاحب السمو الشيخ زايد الذي أعلنه صريحا في حرب أكتوبر 1973 عندما خرج على العالم وقال بأن البترول العربي ليس بأغلى ولا أثمن من الدم العربي وسخر كل إمكانياته وثرواته تحت تصرف الجيوش العربية في تلك الحرب ليتحقق النصر ويفرح زايد بهذا النصر العظيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

زايد رجل البيئة الأول
اهتم الشيخ زايد بالبيئة الإماراتية وأولاها عناية كبيرة، فدعا زايد إلى المحافظة عليها وحمايتها فتم إنشاء المحميات الطبيعية المزروعة بالأشجار الصحراوية والتي تمثل بيئة صالحة للحيوانات البرية للحياة فيها مثل الغزلان والأرانب البرية ومختلف أنواع الطيور.. وتمثل جزيرة صير بني ياس أحد أهم المحميات الطبيعية في منطقة الخليج والتي أنشئت برعاية ومتابعة كريمة من صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والتي تمثل نموذجاً للحفاظ على البيئة وحماية الحيوانات النادرة فيها من خطر الانقراض .. كما ترى في السيوح المحيطة بمدينة العين وسويحان والمنطقة الغربية العديد من المحميات الطبيعية التي تمتد لعشرات الكيلومترات والتي تمثل بيئة طبيعية للآلاف من الحيوانات البرية التي وجدت الوطن الجديد بعد اتساع العمران في الدولة والذي أدى إلى تأثر هذه الحيوانات وتقليل عددها .. كما أن القوانين التي تم سنها في دولة الإمارات والتي تحضر صيد أنواع معينة من الحيوانات والطيور وكذلك تحديد مصائد الأسماك ساهمت بشكل كبير في المحافظة على هذه الحيوانات وحمايتها لدرجة أن العقوبات للمخالفين قد تصل إلى الغرامة والسجن في بعض الأحيان .



اخترنا لكم